40 - خطبة في العشر من ذي الحجة
  فعلينا كمسلمين مؤمنين، أن نتفاعل معها تفاعلاً إيجابياً يمكننا من خلال تحقيقه أن نُغَيِّرَ من نمط حياتنا الغافل، وأن نكسر روتينها المعتاد بما يصلِح من القول والعمل، بتنويع أنماط العبادات وتنويع الطاعات، التي تنشط وتجدد العزم، وتدعو العبد المسلم إلى استمرارية ومواصلة مشوار العبادة طيلة حياته مع خالقه العظيم، من خلال الطاعة الصادقة، والامتثال الخالص، وهذا دليلٌ على مؤكدٌ على أن حياة الإنسان المسلم كلها طاعةٌ لله تعالى من المهد أو من سن التكليف إلى اللحد، ليظل الفرد المسلم على صلةٍ دائمةٍ بخالقه، فهي خلوةٌ نفسيةٌ قصيرةٌ يتفقد فيها المرء نفسيتَه صفاءً وسلامةً.
  ومن جهة أخرى: فإن هذه المواسم العظيمة، تدعو إلى الحرص وفتح باب التنافس في الطاعات، حتى يُقبِل كلُّ إنسان على ما يستطيعه من عمل الخير، كالعبادات المفروضة، والطاعات المطلوبة من حجٍ وعمرةٍ، وصلاةٍ وصيامٍ، وصدقةٍ وذكرٍ ودعاءٍ وغيرها، وفي ذلك تعليم وتربية للمسلم أن يفرغ طاقَتَه وإستطاعَتَه لبلوغ غايةِ ما يصبو إليه من الفوائد والمنافع الدنيوية المتمثلة في حصول الحياة الطيبة، والفوائد الأُخروية المُتمثلة في الفوزِ بالجنة، والنجاةِ من النار.
  فعلينا أن نربي أنفسنا ونروضها على أهمية إحياء السُنن والشعائر الدينية المختلفة طيلة حياتنا؛ لاسيما وأن باب العمل الصالح مفتوحٌ لا يُغلق منذ أن يكلف الإنسان وحتى يموت انطلاقاً من التوجيهات الإسلامية التي حثت على ذلك ودعت إليه.
  فعلينا أن نستقبل هذه الأيام العظيمة بالتوبة الصادقة النصوح، وبالإقلاع عن الذنوب والمعاصي؛ فإن الذنوب هي التي تحرم الإنسان فضل ربه وتحجب قلبه عن مولاه.
  وأن نوطِّن أنفسنا على العزم الصادق الجادّ على اغتنامها بما يُرضي الله؛ فمن صدَقَ اللهَ في عمله ونيته صَدَّقَهُ اللهُ وقَبِلَ منه، ونية المؤمن خيرٌ من عمله، فلا يدري الإنسان لعله لا يعيش إلى عام قابل يستغل فيه مثل هذه الفضائل.