روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

1 - حول الحكمة من بعض التشريعات والعبادات

صفحة 14 - الجزء 2

  بسبب أننا نسينا الله، وكأن الله سبحانه وتعالى لا علاقة له بما يجري، أما لو فهمنا الأمور على حقيقتها، بحيث نكون ماثقين في الله، متوكلين على الله، محسنين تعاملنا مع الله، صادقين في عباداتنا ومعاملاتنا مع الله، فإنه حينئذ يسكن القلق، ويذهب الحزن، وتذهب الوحشة.

  في قلب الإنسان نيران حسرات لا يطفئها إلا الرضا بأمر الله ونهيه والصبر عليهما، والرضا بقضائه الله وقدره.

  في قلب الإنسان فاقة وفقر، لا يسدها إلا محبة الله ø وطاعته، ليس الفقير هو الذي لا يملك، لكن الفقير هو الذي يشعر أنه لا يملك ولو كان يملك أشياء كثيرة، وليس الغني هو من يملك وهو يشعر أنه لا يملك، ولكن الغني هو من يشعر أنه يملك الأشياء الكثيرة، بسبب رضاه وقناعته ولو كان لا يملك شيئاً، في قلب الإنسان فاقة.

  أليس الله تعالى يقول: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ٧١}⁣[الأحزاب]، ألم يقل الله ø: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ١ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ٢}⁣[المؤمنون]، أليس الله يقول: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ٣٠ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ ٣١ نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ٣٢}⁣[فصلت]، ألم يقل الله ø: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ١٢٣}⁣[طه]، أليس الله تعالى يقول: {فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ٣٨}⁣[البقرة]، آيات كثيرة تطمئن المؤمن في حياته ومماته، في دنياه وآخرته، لا يضل عقله، ولا تشقى نفسه، ولا يندم على ما فات، ولا يخشى مما هو آت، ماذا بعد هذه الخصال والمميزات.

  أيها المؤمنون: إذا أقبل الإنسان على الدنيا، وأعرض عن ذكر ربه، وامتلئ قلبه بالحسرات، وامتلئ قلبه بالهم، وشعر بالفقر، وأحس بالوحشة، وأحس بالضياع، كما هو الحاصل في الناس في هذه الأزمنة، فإن ما يحصل لهم هو عقوبة لهم على أفعالهم