3 - خطبة أخرى حول العبادة
  ثم قال الإمام ترجمان الدين، نجم آل الرسول، القاسم بن إبراهيم # مبيناً حقيقة الإسلام، ومن الذي يستحق أن يسمى من أهل الإسلام:
  (ما أعز الإسلام ولا أكرمه، ولا وقّره فيما وقَّره الله به ولا عظمه، مَن توهمَ أهلَ هذا الدهر من أهله؛ لأن الإسلام هو دين ملائكة الله ورسله، فمن زعم أن أهل هذا الدهر ممن يستحق اسمه، فقد أوجب لهم إخاءه وولآءه وحكمه.
  فزعم أنهم مع ما هم من حالهم، وما هم عليه من سوء أفعالهم، إخوة الملائكة المقربين، وأولياء الأنبياء المرسلين، والله سبحانه يقول: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}[الحجرات: ١٠]، فآخا منهم بين من في السماء والأرض، وقال: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ٧١}[التوبة]، فوصف المؤمنين بصفة، فيها لمن أراد معرفتهم أعرف المعرفة.
  فكيف يأمر بالمعروف من يميل عليه، وينهى عن المنكر من يدعو إليه، ويقيم ليله ونهاره فيه؟!
  وكيف يقيم الصلاة بحدودها؟ في قيامها وركوعها وسجودها؟ من شُغله بأصغر دنياه أشغل له منها! ومن هو بأقل هواه معرض به عنها!
  وكيف يؤتي الزكاةَ - مَن جعلها الله له - مَن يغتصب كل مسكين نفسه وماله.
  وكيف يطيع من هو مخالف، إلا في أقل القليل لله لا كيف، إلا عند عميٍّ جاهل، لا يفرق بين حق وباطل)، وهذا الكلام يتحدث عن واقعنا، ويشرح لنا حالنا، فإصلاح الأحوال يكون بتغييرها من الأسوء إلى الأحسن، لا بالاستمرار على الإساءة، أو التردي من سوء إلى أسوء.
  والأعمال على خواتمها، فمن وافق موتُهُ عملاً صالحاً فقد فاز وظفر بالخير، ومن وافق موته عملاً سيئاً كان من المُعاقَبين النادمين الخاسرين؛ وعلى هذا لو أن عبداً كان على طريقة النجاة مُطيعاً لربّه ثمّ اعتمد معصية الله ومات عليها أنه قد أبطل عمل نفسه،