15 - حول العقل وأهميته
  عن أبي ذر في حديثٍ فيه تواريخ الأنبياء $ وذكر كتبهم، قال: قلت: يا رسول الله ما كانت صحف إبراهيم؟ قال: «كانت أمثالاً كلها أيها الملك المسلط المبتلى المغرور إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها إلى بعضٍ، ولكني بعثتك لترد عني دعوة المظلوم فإني لا أردها، وإن كانت من كافرٍ.
  وكان فيها: وعلى العاقل ما لم يكن مغلوباً على عقله أن يكون له ساعةٌ يناجي فيها ربه، وساعةٌ يحاسب فيها نفسه، وساعةٌ يتفكر فيها في صنع الله، وساعةٌ يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب.
  وعلى العاقل أن لا يكون ظاعناً - أي مسافراً - إلا لثلاثٍ: تزوُّدٍ لمعادٍ، أو مرمَّةٍ لمعاشٍ، أو لذَّةٍ في غير محرمٍ.
  وعلى العاقل أن يكون بصيراً في زمانه مقبلاً على شأنه حافظاً للسانه، ومن حَسَبَ كلامَه من عَمله قل كلامه إلا فيما يعنيه».
  فقال لي: يا رسول الله إن السلام يقرؤك السلام ويقول لك: أتحب أن يجعل لك تهامة ذهباً وفضةً تزول معك حيث تزول، ولا ينقصك ذلك مما وعدتك في الآخرة جناح بعوضةٍ، فقلت له: هل أعمر ما خرب الله، يا جبريل إن الدنيا دار من لا دار له، ومال من لا مال له، ويجمعها من لا عقل له، فقال جبريل: وفقك الله يا رسول الله، لقد أخبرني بكلامك هذا إسرافيل تحت العرش من قبل أن آتيك».
  وروي أن رجلاً صالحاً قال لصديق له: يا فلان، هل أنت على حال ترضاها للموت؟ قال: لا.
  قال: فهل عزمت على التحول من حالك هذا إلى حال ترضاها للموت؟ قال: لا.
  قال: فهل تدري متى الموت نازل بك؟ قال: لا.
  قال: فهل بعد الموت دار مستعتب؟ قال: لا.
  قال: ما رأيت مثل هذه الخصال رضي بها عاقل.
  فالعقل نعمة سيسألنا الله عنها، فلنستخدمها فيما يكون مخلصاً في الجواب يوم القيامة، قبل حلول الحسرة والندامة.