روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

16 - حول انتظار الفرج

صفحة 147 - الجزء 2

  روي أن كسرى غضب على حكيم فحبسه عند غضبه، في بيت كالقبر ظلمة وضيقاً، وصفده بالحديد، وألبسه الخشن من الصوف، وأمر أن يقتر عليه في الطعام والشراب، ولا يزاد كل يوم، على قرصين خبزاً شعيراً، وكف ملح جريش، ودورق ماء، وأن تحصى ألفاظه فتنقل إليه، فأقام ذلك الحكيم في السجن شهوراً، لا تسمع له لفظة.

  فقال كسرى: أدخلوا إليه أصحابه، ومروهم أن يسألوه، ويفاتحوه في الكلام، واسمعوا ما يجري بينهم، وعَرِّفُونِيه.

  فدخل إليه جماعة من أصحابه المختصين به، فقالوا له: أيها الحكيم، نراك في هذا الضيق والحديد والصوف والشدة التي وقعت فيها، ومع هذا فإن سحنة وجهك، وصحة جسمك، على حالهما، لم تتغيرا، فما السبب في ذلك؟

  فقال: إني عملت لي دواء من ستة أخلاط، آخذ منه كل يوم شيئاً، فهو الذي أبقاني على ما ترون.

  قالوا: فصفه لنا، فعسى أن نبتلى بمثل بلواك، أو أحد من إخواننا، فنستعمله ونصفه له.

  قال: الخلط الأول: الثقة بالله ø، والخلط الثاني: علمي بأن كل مقدر كائن، والخلط الثالث: الصبر خير ما استعمله الممتحنون، والخلط الرابع: إن لم أصبر أنا فأي شيء أعمل، ولم أُعِن على نفسي بالجزع، والخلط الخامس: قد يمكن أن أكون في شر مما أنا فيه، والخلط السادس: من ساعة إلى ساعة فرج.

  قال: فبلغ كسرى كلامه، فعفا عنه.

  وكتب الوليد بن عبد الملك بن مروان إلى عامله على المدينة، أن يضرب الإمام الحسن الرضا بن الحسن بن علي بن أبي طالب $، خمسمائة سوط في مسجد رسول الله ÷، فأخرجَ الإمامَ الحسن الرضا إلى المسجد، فبينما هو يقرأ على الناس كتاب الوليد بن عبد الملك، إذ جاء علي بن الحسين @،