7 - حول انتساب الزيدية إلى الإمام زيد
  مألوفة، فنعش وعي الأمة، وأيقظ غفلتها، ولكن لم تحصل هذه النتائج المباركة بدون عناء ولا كلفة، بل دفع الإمام # في سبيلها أعلى الأثمان، وأرخص من أجلها أغلى وأنفس ما يملكه الإنسان، فقد كان الثمن هو دمه الزكي، ونفسه التقية، ودماء أصحابه الأبرار الأتقياء، في مقابل التلافي لإصلاح المبادئ الدينية قبل تلفها، فقد ضحى الإمام زيد # بنفسه ودمه وأصحابه وأهل بيته من أجل دين جده ÷، فنعم الوفاء ونعم الموفي، فلم تكن حركة الإمام زيد ومبادؤه عرضة للخمود والإنتهاء بمقتله، بل كان بمقتله # بداية خلودها، ومن دمه الزاكي ذكاء وقودها، فقد سار على دربه أئمة الهدى إمام يتلو إماماً، وثائر بعد ثائر، ولكي يبقى خالداً دائماً، وذكره مستمراً فقد أسس ورسم أصولاً ومبادئ انتسبت إليه بسببها الفرقة المحقة الزيدية، واتخذت من اسمه الشريف لقباً تتميز به عن سائر الفرق والطوائف، فانتسبت إليه لفظاً ومعنى، وسار على تلك المبادئ والأصول وانتهجها من بعده أئمة أهل البيت $، بعد أن كانت قد عَفَى الزمان أثرها، ومحى ظلمُ وتغلبُ الأمويين والظالمين رسمَها.
  أيها المؤمنون: إنّ انتماء الزيدية إلى الإمام زيد # ليس انتماء تقليد، كنسبة الحنفية إلى أبي حنيفة، والشافعية إلى الشافعي، والمالكية إلى المالكي، والحنبلية إلى الحنبلي، بل تلك النسبة اتباع للدليل والحجة، فإن أئمة الزيدية وعلمائها لما رأوا أن الإمام زيد أخذ أصوله ومبادئه من القرآن والسنة الصحيحة وحجة العقل، وقفوا عندها ووافقوا الإمام زيد في القول بها، وجعلوا نسبتهم إليه لكونه أول من سلك تلك المبادئ وسار عليها، فالنسبة نسبة افتخار واعتزاز، لا نسبة تقليد واتباع بغير دليل.
  وتلك الأصول والمبادئ هي التي رسمها رسول الله ÷ لأمته، وانتهجها الإمام علي # بعده، وصرح بها في خطبه ومكاتباته، ثم تغلب الظلمة على الإسلام وأهله فأدخلوا فيه ما ليس منه، وأزالوا منه ما هو فيه، مراعاة لتثبيت قوائم عروش ملكهم.