24 - في الإستسقاء
  وعن علي # أنه كان يقول: (إذا استقيتم فاحمدوا اللَّه، وأثنوا عليه بما هو أهله، وأكثروا من الاستغفار، فإنه هو الإستسقاء).
  وكان النبي ÷ يرفع يديه في دعائه في الاستسقاء حتى يُرى بياضُ إبطيه، تضرعاً إلى الله.
  فاتقوا الله عباد الله: والجأوا إليه فهو فارج الكربات، وتوجهوا إليه فهو مجيب الدعوات، وتضرعوا إليه فهو قَيُّومُ الأرضين والسموات، وتعرضوا لرحمته، وارغبوا في فضله، واصدُقُوا في التوبة إليه، {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ٥٣}[الزمر].
  وأكثروا من الاستغفار ولازموه، فمن لازم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ورزقه من حيث لا يحتسب، فالاستغفار مفتاح الرزق من السماء، وسبب للمغفرة والرحمة والرضاء، وهو من طرق التوبة النصوح، {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ١٠ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ١١}[نوح].
  قال أمير المؤمنين وسيد الوصيين علي بن أبي طالب # في خطبة له في الاستسقاء، وفيه تنبيه للعباد وجوب استغاثة رحمة اللّه إذا حبس الله عنهم رحمة المطر والغيث، وفيها بيان لأسباب حبس المطر عن العباد:
  أَلَا وَإِنَّ الْأَرْضَ الَّتِي تُقِلُّكُمْ، وَالسَّمَاءَ الَّتِي تُظِلُّكُمْ، مُطِيعَتَانِ لِرَبِّكُمْ، وَمَا أَصْبَحَتَا تَجُودَانِ لَكُمْ بِبَرَكَتِهِمَا، تَوَجُّعاً لَكُمْ، وَلَا زُلْفَةً إِلَيْكُمْ، وَلَا لِخَيْرٍ تَرْجُوَانِهِ مِنْكُمْ، وَلَكِنْ أُمِرَتَا بِمَنَافِعِكُمْ فَأَطَاعَتَا، وَأُقِيمَتَا عَلَى حُدُودِ مَصَالِحِكُمْ فَقَامَتَا، إِنَّ اللَّهَ يَبْتَلِي عِبَادَهُ عِنْدَ الْأَعْمَالِ السَّيِّئَةِ بِنَقْصِ الثَّمَرَاتِ، وَحَبْسِ الْبَرَكَاتِ، وَإِغْلَاقِ خَزَائِنِ الْخَيْرَاتِ، لِيَتُوبَ تَائِبٌ، وَيُقْلِعَ مُقْلِعٌ، وَيَتَذَكَّرَ مُتَذَكِّرٌ، وَيَزْدَجِرَ مُزْدَجِرٌ، وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الاستغفار سَبَباً لِدُرُورِ الرِّزْقِ، وَرَحْمَةِ الْخَلْقِ، فَقَالَ سُبْحَانَهُ {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ١٠ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ١١ وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا ١٢}[نوح]، فَرَحِمَ اللَّهُ امْرَأً اسْتَقْبَلَ تَوْبَتَهُ، وَاسْتَقَالَ خَطِيئَتَهُ، وَبَادَرَ مَنِيَّتَهُ.