روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

7 - حول انتساب الزيدية إلى الإمام زيد

صفحة 68 - الجزء 1

  ومن تلك الأصول والمبادئ: القول بتفضيل علي # على كافة المسلمين بعد النبي ÷، وبعده في الفضل ولداه الحسنان وفاطمة الزهراء $، ثم تفضيل أهل البيت $ على غيرهم من الأمة.

  وقد حد من انتشار المذهب الزيدي وقلل من شهرته تظاهر ملوك الجور وسلاطين الظلم على أهل البيت وأتباعهم، فأصول الزيدية ومبادؤها تشكل خطراً كبيراً عليهم، وعلى دوام ملكهم وظلمهم، فالزيدية توجب الخروج على الظلمة، وتقول بحصر الإمامة في أولاد البطنين، مع ميل كثير من الناس إليهم، حتى خافهم الظالمون، وحرصوا على محاربتهم بشتى الوسائل، من التخويف الشديد، والطرد والتشريد، والحبس والتضييق، والقتل والصلب، فكم من رجل من أهل البيت $ شردوه وطردوه وأخافوه وقتلوه، مع ما يتمتع به أئمة الزيدية من دين رصين، وورع متين، وعلم غزير، وشجاعة وفضل، وصفات تؤهلهم لأمور لا يستحقها غيرهم، ولكونهم ممن لا تغرهم الدنيا، ولا يبيعون آخرتهم بدنيا غيرهم، فلم يخدعهم ما كان يبذله لهم أعداؤهم من الأموال الطائلة، والمناصب السامية، على أن يتركوا ما هم فيه، بل يرفضون ذلك كل الرفض، ويأبونه أشد الإباء.

  ولم يكن الأذى والقتل والتخويف مقتصراً على أهل البيت $ بل تعدى ذلك إلى كل أتباعهم ومحبيهم، ومن مال إليهم، أو اشتهر بالمحبة لهم، أو الإختلاف إليهم، أو الأخذ عنهم، مما سبب في أن يكتم الكثير من الأشياع والأتباع مذهبهم خوفاً على النفس، أو حفاظاً على المذهب، فلم يتمكن أهل البيت وأشياعهم من نشره، والدول إنما قامت على محاربته ومحوه وطمس آثاره.

  أما بقية المذاهب فلا تشكل أي خطورة عليهم، بل كان أكثرها يخدمهم، ويوطد لهم أركان ملكهم، ويثبت قواعد سلطانهم، بل كان قادة وأتباع بعض المذاهب غير الزيدية دعاة ومجمعين ومحرضين للناس على السكوت والرضا بذلك الحاكم، وذلك