30 - في فضل المساجد وآدابها
  أيها المؤمنون: جعل اللهُ تعالى للمساجد مكانةً ساميةً في الإسلام، وجعل لها حرمتها بين المسلمين، فمنها بدأ الدين ومنها انتشر، ومنها يأخذ المسلمون تعاليم دينهم، ويتلقون فيها المواعظ والعبر، فالمساجد تعد موقعَ الإنطلاق للمسلمين، ومنها يخرج حملة القرآن والعلماء.
  وللأهمية البالغة للمساجد فإن النبي ÷ لما هاجر من مكة إلى المدينة، كان أول عمل قام به، هو بناء مسجد، يتعلم فيه المسلمون، ويؤدون فيه الطاعات والعبادات مجتمعين، ويذكرون الله في الليل والنهار خاضعين، ويأوي إليه المهاجرون والضعفاء والمساكين، وفيه يدبر النبي ÷ شؤون الدولة الإسلامية، ويدير أحوالها، وفي المساجد يجتمع المسلمون لمناقشة قضاياهم، ولإحياء مناسباتهم الدينية.
  فالمساجد بيوت الله في الأرض، أذن في رفعها وعمارتها بالبناء والعمران، وأمر بعمارتها بالطاعات والعبادة وقرآءة القرآن، فهي أماكن التجمع للعبادات، كما يقول تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ١٨}[التوبة].
  وقد رغَّبَ الإسلام في عمارتها، سواء العمارة الحقيقية بالبناء والرفع، أو العمارة المجازية بالعبادة والذكر، فقد وردت أحاديث كثيرة عن النبي ÷ في ذلك:
  منها: ما روي عن جابر بن عبد الله الأنصاري، عن النبي ÷، قال: «المساجد سوق من أسواق الآخرة، من دخلها كان ضيفَ الله، قرآؤهُ المغفرة، وتحيَّتُه الكرامة، فعليكم بالرِّتَاع، قيل يا رسول الله: وما الرِّتَاعُ؟ قال: الدعاءُ والرغبةُ إلى الله ø».
  وعن الإمام الحسن السبط # قال: سمعتُ جدي رسولَ الله ÷ يقول: «من أدمن الإختلاف إلى المساجد أصاب أخاً مستفاداً في الله، أو