روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

الثاني: الخطب المتعلقة بصفر وبيع الأول

صفحة 113 - الجزء 1

  دعوتهم فيه على يد رجل يقال له علي بن الفضل القرمطي، فلما جاء الإمام الهادي #، نفى عن الأرض فسادهم، وطهر الأرض من أرجاسهم، وله معهم ما يقارب من ثمانين وقعة، في كلها أمده الله بنصره، وأظهر أمره، وأعز جنده.

  وكان مذهب المجبرة القدرية، الذين يضيفون إلى الله تعالى الفواحش، وينسبون إليه الكفر والفساد، قد امتدت جذوره، وكثُر جمهوره، وعمّ شرورُه، فلما دخل الإمام إلى صنعاء اجتمع إليه علماؤهم وهم أكثر من سبعة آلاف مجبري، فاختاروا منهم سبعين عالماً، وقدموا رجلاً يقال له يحيى النقوي، فقال له: يا مولانا ممن المعاصي؟، فقال الإمام الهادي #: ومَن العاصي؟.

  فاحتار النقوي ولم يدرِ بماذا يجيب؟ فلامه أصحابه على ذلك، فقال: ويحكم، لقد ألجمني وأعجزني، إن قلتُ العاصي هو الله فقد كفرتُ، وإن قلت العاصي هو العبدُ خرجتُ من مذهبي، فلما علموا قوة دلالته، وظهور حجته، رجعوا جميعاً إلى مذهبه، ودانوا بالعدل والتوحيد، فلله الحمد على ذلك كثيراً.

  فلولا الإمام الهادي # لكان اليمن إما باطنياً أو جبرياً أو غيرهما من مذاهب الضلال، ولما كان للحق فيه راية تخفق، أو علم يرفع ويحلق.

  والكلام حول سيرته وعبادته وجهاده واجتهاده وخدمته للدين يطول ويطول، ولكن أردنا أن نأخذ العبرة، وأن نتعلم من أئمتنا $، وأن نستشعر مواقفَهم، ونقتدي بهم.

  فإذا أراد أهلُ اليمن أن تصلح أمورهم، وفلينظروا في الطريقة التي فعلها أسلافهم، وليفعلوا مثلها ليتخلصوا من براثين الفتن الحاصلة عليهم.

  وفقنا الله وإياكم لصالح الطاعة والعمل، وعصمنا من الزيغ والزلل، إنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير.