روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

الثاني: الخطب المتعلقة بصفر وبيع الأول

صفحة 112 - الجزء 1

  ويعين الضعيف، ويغيث الملهوف، سواء كان رجلاً أو امرأة، صغيراً أم كبيراً، حراً أو عبداً، غنياً أو فقيراً، وكان قول لأصحابه: أوصلوا إليّ كلّ ضعيف لا يصل إلا بكم.

  ولم يكن يحابي أحداً من أصحابه ولا من قواده في أخذ الحق منه، فهذا أبو العتاهية الذي كان ملكاً على اليمن، ولما جاء الإمام الهادي سلم له الأمر كله، وجاهد بين يديه، في ذات يوم جاءت امرأة إلى الإمام الهادي # وقالت له: يا ابن رسول الله أنصفني من خصمي.

  فقال الإمام الهادي #: ومَن خصمك؟.

  قالت: أبو العتاهية، فقال لها الإمام #: وماذا تطلبين منه؟

  فقالت: الأرض الفلانية التي تحت يده هي لي اغتصبها علي في أيام ملك أبيه على صنعاء.

  فاستدعى الإمام الهادي # أبا العتاهية، وقال له: أنصف خصمك منك، فإن هذه المرأة تدعي أن لها عندك أرضاً.

  فقال أبو العتاهية: إقضِ بيني وبينها بحكم الله تعالى.

  فقال الإمام الهادي # للمرأة: ما هي بينَتُكِ على دعواك أن الأرضَ لك.

  فجاءت بشهود يشهودن لها، فحكم لها الإمام # بالأرض، وانتزعها من تحت يد أبي العتاهية، وسلمها عن نفس راضية قانعة متواضعة.

  أيها المؤمنون:

  إن للإمام الهادي # منةً على أهل اليمن كافة، مطوقةً بها أعناقهم، فبفضله وجهاده، وحميد سعيه وعنائه، أباد الله به القرامطة الباطنية الأشرار، الذين كانوا قد طبقوا البلاد، واستذلوا العباد، ونشروا في الأرض الفساد، وأدخلوا مذاهب الكفر والإلحاد، وأعانهم على ذلك أهل الضلال والعناد، وكانوا قد سيطروا على مناطق عديدة في شبه الجزيرة العربية، كالعراق والمغرب والبحرين، وكانوا قد دخلوا إلى اليمن وانتشرت