13 - خطبة حول المولد النبوي وواجبنا نحوه
  لما ولد النبي ÷ خرَّ ساجداً، وحَفَّت به الملائكة $، وأشرقت الآفاق، وكثرت النجوم، ورجمت الشياطين، ومنعوا من الإستماع، وغسّلته الملائكة $ بماء من ماء الجنَّة، واضطربت الأصنام ونكست على رؤوسها، وتساقطت على وجوهها، وانطفأت نار المجوس بفارس وكانت لا تزال موقدة أكثر من ألف عام لم تنطفئ، وتساقطت أربعة عشر شرفة من شرفات قصر كسرى، وتزلزل إيوانه، وهو مجلس الحكم، وظهرت في ذلك اليوم دلائل الإرهاص للنبوة، التي تؤذن بتغييرات عامة في أمور كثيرة من أحوال الناس في أديانهم ودياناتهم، وسلوكياتهم وأخلاقياتهم، فها نحن نعيش في أيام تلك الأحداث العظيمة.
  ويومَ مَولِدِهِ الأَصنَامُ قَدْ نُكِسَتْ ... والنَّارُ قَدْ خَمِدَتْ وانْقَضَّتِ الزُّهُرُ
  وفِي البُحَيْرَةِ غِيضَ المَاءُ وارْتَعَدَتْ ... أَرْكَانُ إِيوَانِ كِسْرَى فَهُو مُنْكَسِرُ
  أبان مولده عن طيب عنصره ... يا طيب مبتدأٍ منه ومختتم
  يوم تفرس فيه الفرس أنهم ... قد أنذروا بحلول البؤس والنقم
  وبات إيوان كسرى وهو منصدع ... كشمل أصحاب كسرى غير ملتئم
  والنار خامدة الآنفاس من أسف ... عليه والنهر ساهي العين من سدم
  وساء (ساوة) أن غاضت بحيرتها ... ورُدَّ وارِدُها بالغيظ حين ظمي
  كأن بالنار ما بالماء من بلل ... حزنا وبالماء ما بالنار من ضرم
  والجن تهتف والأنوار ساطعة ... والحق يظهر من معنى ومن كلم
  إنها ولادة نبيئنا وقائدنا وحبيبنا وفخرنا وعزنا محمد ÷، ولادة الطاهر المطهر، الذي طهره الله من أدناس أهل الفجور والرذائل، ولادة المنقذ الذي أنقذ الله به العباد من ظلم الضلالات، وإشراك أهل الجهالات، ولادة البشير المبشر عن الله لمن أطاعه برضوانه وجنانه، النذير المنذر بأن داراً غير هذه الدار، ينتصف فيها للمظلوم من الظالم، في يوم له أهوال يقضي الله فيه بين الخلائق، يوم