الثالث: الخطب المتعلقة بشهر ربيع الأول
  ذاك النبي الذي من قبل مولده ... لبعثه أنبياء الله قد شهروا
  ذاك النبي الذي من قبل مولده ... سألوا به فهم في الجاه ما قَصَرُوا
  ذاك النبي الذي من قبل مولده ... بأن يصلوا عليه كلهم أمروا
  ذا خاتم الرسل ذا من للرسالة فيـ ... ـه خاتم علم ذا الخَيرُ والخِيرُ
  ذا طيب الذات ذا من طاب عنصره ... وذا الذي منه حقاً طابت العترُ
  ذا أحمد المصطفى المختار أحمد من ... في الأرض سار وفيه سُيِّرت سيرُ
  ولد النبي ÷ بعد عيسى ~ بما يقارب ستمائة عام في وقت انطمست فيه آثار الأنبياء، والناس قد دنّست عقولهم الأهواء، فمنهم من اتخذ النار إلهاً يعبد، ومنهم من يعبد أصنافاً من الحيوانات، ومنهم من يعبد الأصنام والأحجار والتماثيل التي يصنعونها بأيديهم، ويعبدونها من دون الله، فقد كانت الكعبة مطوقة بالأصنام، وأما معاملاتهم التي انعكست عن عبادتهم فكانوا وحوشاً يأكل قويهم ضعيفهم، ويظلم بعضُهم بعضاً، ويسطو بعضهم على بعض، يتقاتلون على أتفه الأمور وأبسط الأسباب، وتثور بينهم الحروب الطويلة المدى، التي تأكل الأخضر واليابس، فيقتل رجالهم، وتسبى نساؤهم، بدون مبرر، حتى بلغوا أقصى درجات التخلف والجهل، ففي اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول من عام الفيل أشرقت على الأرض شمس الهداية أضاء الله بها تلك الظلمات، ومحى بها تلك الجهالات.
  وفقنا الله وإياكم لما يرضيه، وجنبنا معاصيه، وغفر الله لنا ولكم سالف ذنوبنا، فيما خلا من أعمارنا، وعصمنا وإياكم من اقتراف الآثام بقية أيام دهرنا، وجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، ﷽ {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ١٢٨ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ١٢٩}[التوبة].
  أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولوالدينا ووالديكم، ولكافة إخواننا المؤمنين والمؤمنات، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.