روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

الثالث: الخطب المتعلقة بشهر ربيع الأول

صفحة 137 - الجزء 1

  الأولى، فلما رجعوا إلى قومهم وأخبروهم بما رأوا من رسول الله وبعث معهم مصعب بن عمير يقرؤهم القرآن ويعلمهم معالم الإسلام، فلما كان العام المقبل ١٣ من البعثة قدم إلى مكة كثير من أهل المدينة، وكانت قريش قد شددت الحراسة على أن يمنعوا رسول الله من أن يطوف في الجبال والشعاب موسم الحج، فتسلل من أهل المدينة ثلاثة وسبعون رجلاً، اثنان وستون من الخزرج، وأحد عشر من الأوس ومعهم امرأتان وواعدوا رسول الله في العقبة، فدعاهم إلى الإسلام وتلا عليهم القرآن وعلمهم معالم الإسلام، فأجابوا وبايعوا على عبادة الله وحده لا شريك له، وعلى السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى أن ينصروا رسول الله إذا قدم إليهم وأن يمنعوه مما يمنعون منه أنفسهم وأبنائهم وأزواجهم، فبايعوه على ذلك، وأخذوا على رسول الله لأنفسهم أنه منهم مهم منه في الحرب والسلم، في خطاب طويل دار بينهم، ثم طلب منهم رسول الله أن يخرجوا منهم اثني عشر نقيباً يكونون على قومهم كفلاء كفالة الحواريين لعيسى، وهو كفيل على قومه، فكانت هذه بيعة العقبة الثانية، التي هي الممهد الكبير للهجرة إلى المدينة، فعند ذلك بدأ المسلمون بالهجرة إلى المدينة، حتى هاجروا بأجمعهم ولم يبق سوى رسول الله وعلي # في نفر قليل.

  وهكذا عانى وقاسى رسول الله المصاعب والمتاعب من أجل أن يصل إلينا هذا الدين نقياً سليماً، فجزاه الله عنا خير الجزاء، وحشرنا في زمرته ورزقنا شفاعته، وصلى الله عليه وعلى آله الطاهرين.

   {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ١٢٨ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ١٢٩}⁣[التوبة]، وأستغفر الله لي ولكم ولوالدينا ووالديكم، ولكافة إخواننا المؤمنين والمؤمنات، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.