الثالث: الخطب المتعلقة بشهر ربيع الأول
  «ألا وعلي بن أبي طالب ألا وإني قد تركته فيكم ألا هل بلغت؟»، فقال الناس: نعم يا رسول الله صلوات الله عليك.
  فقال: «اللهم اشهد»، ثم قال: «ألا وإنه سيَرِد عليّ الحوض منكم رجالٌ فيدفعون عني، فأقول: يارب أصحابي أصحابي فيقول: يا محمد، إنهم أحدثوا بعدك وغيروا سنتك، فأقول سحقاً سحقاً»، ثم قام ودخل منزله فلبث أياماً يجد الوجع، والناس يأتونه، وهو يخرج إلى الصلاة.
  فلما كان آخر ذلك ثقل وزاد به المرض، واشتد به الألم، فلم يقدر على الخروج إلى الصلاة، فأتاه بلال ليؤذنه بالصلاة وهو مُلق ثوبه على وجهه قد تغطى به، وكان رأس رسول الله في حجر علي بن أبي طالب #، والفضل بن العباس بين يديه يُرَوِّحُه، وأسامة بن زيد بالباب يحجب عنه زحمة الناس، فقال: الصلاة يا رسول الله، فكشف الثوب وقال: «قد أبلغت يا بلال فمن شاء فليصل»، فخرج بلال، ثم رجع الثانية والثالثة وهو يقول: الصلاة يا رسول الله، فقال: «قد أبلغت يا بلال، فمن شاء أن يصلي فليصل»، فلما رجع بلال ولم يقم رسول الله بعثت عائشة بنت أبي بكر فقالت: يا بلال مر أبا بكر فليصل بالناس.
  فلما فعلت عائشة ذلك أمر جبريل رسولَ الله ÷ بالخروج ليصلي بهم، وعلم ما يقع من الفتنة إن صلى بهم أبو بكر، فوجد رسول الله خفّة فقام فتمسح وتوضأ، فخرج رسول الله يمشي بين علي والفضل وقدماه يخطان في الأرض حتى دخل المسجد، وقد أقيمت الصلاة وقد تقدم أبو بكر ليصلي، فلما رآه أبو بكر تأخر، وتقدم رسول الله وصلى بالناس، فلما سلم أمر علياً والفضل فقال: «ضعاني على المنبر»، فوضعاه على منبره، فسكت ساعة فقال: «يا أمة أحمد، إن وصيتي فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، اعتصموا بهما تردوا على نبيكم حوضه، ألا ليُذَادنّ عنه رجال منكم، فأقول سحقاً سحقاً»، ثم أمر علياً والفضل أن يدخلاه منزله.