الثالث: الخطب المتعلقة بشهر ربيع الأول
  وفي رواية: أن رسول الله ÷ جعل يلثمهما ويقبلهما حتى أغمي عليه، فأراد علي # أن يرفعهما، ففتح رسول الله ÷ عينه وقال لعلي «دعهما يتمتعان مني، وأتمتع منهما، فإنه سيصيبهما بعدي أثرة».
  ثم قال: «اللهم إني أستودعكهما وجميعَ المؤمنين من أمتي».
  وغمض عينيه فلم يدع علي # أحداً يدنو منه.
  بدأت لحظات الوداع الأخير تقترب كل يوم، فلما ارتفع النهار يوم الإثنين ودنت ساعة الإحتضار كان رأس رسول الله ÷ في حجر علي # فشخص رسول الله بنظره فقال: «مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلى، اللهم الرفيقَ الأعلى».
  فقال الفضل بن العباس لعلي #: يا أبا الحسن، أغمض عين رسول الله وضمّ فاه، فوضع علي يده على فم رسول الله وقد خرجت نفسه من كف علي، فردها إلى لحيته وأراد أن يغمض عينيه، فأبصر عينيه قد غُمضتا، وضُم فوه، ويداه ورجلاه مبسوطتان، فإذا جبريل # قد ولي ذلك منه، وهو في وسط البيت يسمعون حسَّه ولا يرونه.
  يالك من يوم عظيم، ومشهد جسيم، قَلَبَ السرورَ أحزاناً، وبَدَّلَ الأفراح أتراحاً، إنا لله وإنا إليه راجعون، مات خير الخلق، مات حبيب الله، مات صفوة الله، محمد بن عبدالله ÷، قبضه الله إليه يوم الإثنين من شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة، ودفن ليلة الأربعاء، وقيل: ليلة الثلاثاء، وتوفي وهو ابن ثلاث وستين.
  ثم تولى غسله علي # وعمه العباس وابناه الفضل وقُثم، وأسامة بن زيد، وشقران مولاه، وكُفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية منسوبة إلى السُّحول وهي بلدة باليمن، وصلى عليه الناس فرادى لا يؤمهم أحد، لأن الصلاة عليه كانت فرض