روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

الثالث: الخطب المتعلقة بشهر ربيع الأول

صفحة 158 - الجزء 1

  كيف لا يجيبها وهو يعلم ما سيحل بها بعده من الأمور العظيمة؟، يسمع رسول الله قولها، ففاضت عيناه بالبكاء، ويناديها أن تدنو منه، ليشم منها ما كان يشمه من رائحة الجنة، ليعيد لها بعضاً من الشفقة والحنان، فدنت منه وانكبت عليه وهي تبكي وقد وضعت خدها على خده، فقال لها أمير المؤمنين علي #: (تنحي عن رسول الله لا تؤذيه)، فتنحت وجلست ناحية تسترجع وتدعوه.

  ثم إن رسول الله ÷ أوصى نساءه واحدة واحدة، فقال لعائشة: «قد أوصيتك قبل اليوم، فاحفظي وصيتي، واحفظي أمري لك في لزوم بيتك ولا تبدلي، يا عائشة تأخري عني».

  وقال لحفصة: «قد أوصيتك قبل اليوم، فاحفظي وصيتي، ولا تبدلي أمري، واحفظي أمري لك في لزوم بيتك، قومي عني»، وكلم نساءه امرأةً امرأةً مثلما كلمهما.

  وجاء دور الأحفاد فليس لرسول الله ÷ سوى حفيدين، هما ولداه وسبطاه، حان وقت وداعهما، فإذا بفاطمة & جاءت بالحسن والحسين @ وقالت لهما: ادنوا من جدكما فسلما عليه.

  فدنوا منه وقالا: ياجداه، ثلاثاً، ثم بكيا، وقال له الحسن #: ألا تكلمنا كلمة وتنظر إلينا نظرة، فبكى علي # والفضل وجميع من في البيت من النساء، وارتفعت أصواتهم بالبكاء ففتح رسول الله عينيه وقال: «ما هذا الصوت»؟

  فقالت فاطمة: يا رسول الله، هذان ابناك الحسن والحسين، كلماك فلم تجبهما فبكيا وبكى من في البيت لبكائهما.

  فقال رسول الله: «ادنوَا مني»، فدنا منه الحسن # فضمه إليه وقبّله ودنا الحسين منه، ففعل به مثل ذلك، فبكيا ورفعا أصواتهما بالبكاء، فزجرهما علي # وقال: لا ترفعا أصواتكما، فقال له رسول الله: «مهٍ يا علي».