روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

الرابع: الخطب المتعلقة بشهر جماد الآخرة

صفحة 171 - الجزء 1

  عمره، والحسين في السادسة، وزينب في الخامسة، وأم كلثوم في الثالثة من عمرها، وكان أصعب ما في وداعها أن تودع زوجها، وشريك أبيها في جهاده وتضحياته، وشريك حياتها، وهي توصيه بأولادها الصغار، وتوصيه أن يدفنها سراً، وأن لا يشهد جنازتها أحد من الذين ظلموها وأغضبوها.

  فما هو إلا أن أغمضت الزهراء عينيها مفارقة للحياة، حتى امتثل أميرُ المؤمنين # وصيتها، فصلى عليها ودفنها ليلاً في نفر من خلص أصحابه وأتباعه، ولم يشهد أحد غيرهم جنازتها ولا الصلاة عليها، وهكذا يودع أمير المؤمنين # شريكة حياته، حزيناً باكياً مفجوعاً بمصيبتها، ويلحدها بيده ويضعها في قبرها وهو يقول:

  (السلام عليكَ يا رسول الله، عني وعن ابنتك النازلة في جوارك، والسريعة اللحاق بك، قلَّ يا رسول الله عن صفيتك صبري، ورق عنها تجلدي، أما نومي فمسهَّد، وأما ليلي فسرمد، وستنبئك ابنتك بتضافر أمتك على هضمها، فأَحْفِهَا السُّؤَالَ، واستَخْبِرْهَا الحالَ، والسلام عليكما سلام مودع لا قالٍ ولا سَئِم، ولا عن غير رضى بما وعد الله الصابرين).

  وكانت وفاتها في الثالث من جماد الآخرة سنة ١١ هـ، وعمرها ثمانية وعشرون عاماً، فرحمة الله ورضوانها وسلامه عليه وعلى أبيها وبعلها وبنيها.