روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

الخامس: الخطب المتعلقة بشهر رجب

صفحة 203 - الجزء 1

  بداخل البيت الحرام، في جوف الكعبة، ولم يولد في البيت الحرام قبله أحدٌ سواه، ولا يشك في ذلك منصف، ولا ينكره متعسف، فهي فضيلة خصّه الله تعالى بها إجلالاً له وإعلاءً لمرتبته وإظهاراً لتكرمته.

  ولم تكن ولادة أمير المؤمنين علي # في جوف الكعبة أمراً أتى مصادفة، أو حصل مجازفة، بل في ذلك من الدلائل والفضائل الشيء الكثير، فولادته في جوف الكعبة إيذان وإعلام من الله تعالى بأن من طهره الله بالولادة فيها، سيكون هو من يطهرها من الأصنام، ويقتلع أوثان الشرك من على ظهرها.

  وكما قيل: أحبّ علي # أن يكافئ الكعبة حيث ولد في بطنها، بوضع الصنم عن ظهرها، كما قال القائل:

  لما دعاك الله قدماً بأن ... تولد في البيت فلبيته

  شكرته بين قريش بأن ... طهرتَ من أصنامهم بيته

  وكيف لا يكون ذلك كذلك، وهو الذي بسيفه قام عمودُ الدين، وهو أميرُ المؤمنين، ويعسوبُ الدين والمسلمين، ومُبيرُ الشركِ والمشركين، وغُرَّةُ المهاجرين، وصَفوةُ الهاشميين، وقاتلُ الناكثين والقاسطين والمارقين، ومولى المؤمنين، وشبيهُ هارون، ونفسُ الرسول وأخوه، وزوجُ البتول، وسيفُ الله المسلول، وأبو السبطين، وأميرُ البررة، وقاتلُ الفجرة، وقسيمُ الجنة والنار، وصاحبُ اللواء، وسيدُ العرب والعجم، وكاشفُ الكُرَب، والصديقُ الأكبر.

  أكرم من ارتدى، وأشرف من احتذى، وأعلم من اهتدى، وأفضل من راح واغتدى، وأشجع من ركب ومشى، وأهدى من صام وصلى، الذي ما صَبَا في الصِّبَا، وسيفه عن قرنه ما نَبَا، ونورُ هديه ما خَبَا، ومُهْرُ شجاعته ما كَبَا، دعاه رسول الله إلى التوحيد فلبى، وسلك المحجة البيضا، وأقام الحجة الزهراء، قد جنيت ثمار النصر من علمه، والتقطت جواهر العلم من قلمه.