الخامس: الخطب المتعلقة بشهر رجب
  للطائفين والعاكفين والركع السجود، وهو فخر للعرب، وقِبلةٌ للعرب والعجم، قاسه الأمين جبريل، وبناه إبراهيم الخليل، وسكنه إسماعيل عليهم جميعاً الصلاة والسلام.
  وقد قيل: لما خاف آدم عليه الصلاة والسلام الشيطانَ استعاذ بالله تعالى فبعث الله تعالى ملائكة حفوا بمكة من كل جانب فوقفوا من جوانبها، فأوقف الله تعالى الحرم من حيث كانت الملائكة وقفت.
  وعن وهب بن منبه: أن آدم # بكى واشتد حزنه فبعث الله تعالى بخيمة من خيام الجنة وضعها له بمكة في موضع الكعبة، وهي ياقوتة حمراء فالركن يومئذ نجم من نجومه، فكان ضوء ذلك النور ينتهي إلى مواضع الحرم.
  فلما نشأ علي # كانت نشأته مباركة، فقد أحبه النبي ÷ حباً شديداً، فكان يتولى أكثر تربيته، فكان يوجره اللبن عند شربه، ويحركه في المهد عند نومه، ويناغيه في يقظته، ويحمله على صدره ورقبته، ويطوف به جبال مكة وشعابها وأوديتها.
  فلما صار غلاماً أخذه النبي ÷ ورباه في حجره، كما قال علي #: (وضعني في حجره وأنا ولد، يضمني إلى صدره، ويكنفني في فراشه، وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه).
  وكان علي # لا يفارق مربيَه العظيم، بل كان يتبعه اتباع الظل، كما قال ~: (لقد كنت أتبعه اتباع الفصيل أثر أمه، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علماً ويأمرني بالإقتداء، ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء، فأراه ولا يراه غيري، ولم يجمع بيتٌ واحد غير رسول الله ÷، وخديجة وأنا ثالثهما، أرى نور الوحي والرسالة، وأشم ريح النبوة).
  أيها المؤمنون: لقد أجمع المؤرخون من الموالفين والمخالفين، وتواترت الأخبار أن فاطمة بنت أسد ولدت أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه بمكة المشرفة