روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

24 - في فضل شعبان والإعداد لرمضان

صفحة 220 - الجزء 1

  وها هو شهر رمضان على الأبواب، فقد بدت تباشيره، ولاحت في الأفق تعابيره، فلو نظرنا في أنفسنا ماذا قدمنا في العام الماضي منذُ خروجِ رمضان الأول إلى هذا الشهر الذي قربت أيامُه، لرأينا أن أنفسنا لم تتقدم إلى الأفضل خطوةً واحدة، بل لو حاسبنا أنفسنا حساباً صحيحاً، وخاطبناها خطاباً صريحاً، لوجدنا أنّا رجعنا إلى الوراء خطواتٍ وخطوات، بل مراحلُ ومسافات، فالواجبُ علينا أن نحسِّنَ علاقتنا مع الله تعالى، وأن نهيئ أنفسنا تهيؤاً كاملاً لاستقبال شهر الخير والبركات.

  أيها المؤمنون: شهر شعبان هو شهر التحضير والإستعداد لشهر رمضان، فقد كان النبي ÷ يكثر الصيام في شعبان استعداداً وتهيؤاً لرمضان، بل كان ربما صام شعبان كله، ولم يكن يصوم في شهر من الأشهر مثل ما يصوم في شعبان، وكان السلف الصالح قبلنا يروضون أنفسهم في شهر شعبان على العبادات والطاعات استعداداً لرمضان، وكانوا يحرصون على أن يُفرِّغوا أنفسهم في شهر شعبان من كل عمل وشغل وجهد يسبب في انشغالهم في شهر رمضان، فكل عمل يتحسبون أنه يعيقهم عن العبادة، أو يحتاج إلى وقت منهم في رمضان يقومون به في شهر شعبان، كما روي عن أنس بن مالك قال: (كان أصحاب النبي ÷، إذا استهل شعبان أَكَبُّوا على المصاحف، وأخذ المسلمون في زكاة أموالهم فقووا بها الضعيفَ والمسكين على صيام شهر رمضان، ودعا المسلمون مملوكيهم فَحَطُّوا عنهم ضرائبَ شهرِ رمضان، ودعت الولاةُ أهلَ السجون، فمن كان عليه حدٌّ أقاموا عليه، وإلاَّ خلوا سبيله).

  أيها الأحبة المؤمنون: قد يقول القائل: ما هي الأعمال والترتيبات التي ينبغي أن نعدَّها في شعبان لاستقبال شهر رمضان؟

  فالجواب: هو أن المعلوم أن الواحد منا إذا علم بأن ضيفاً عزيزاً سيأتي إليه، فإنه بلا شك يهيئ الأمور الحسنة والجميلة التي تدل على فرحته ومحبته بوفود ذلك الضيف عليه، ويجهز الترتيبات التي تدل على كرم الضيافة وحسن الإستقبال، وإذا قصّر