روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

24 - في فضل شعبان والإعداد لرمضان

صفحة 224 - الجزء 1

  السابع: أن يعد نفسه للتفرغ من الأعمال التي تلهيه وتشغله عن العبادة، أو تضيع أكثر وقته، فالإنسان الذي يلحق شهر رمضان ببقية أشهر السنة في الإهمال والتضييع والتفريط، لا شك أنه قد بلغ في الخذلان إلى غاية كبيرة، فعلينا أن نتدارك إهمالَنا وتضييعَنا وتقصيرَنا، فإذا كان الإنسان طوال السنة يكد ويتعب خادماً للدنيا، وحريصاً على جمعها، أفلا يكفيه الجمع والإدخار مدة سنة كاملة، ليتفرغ لعبادة ربه في شهر واحد، أليست سنةٌ كاملةٌ كفيلةً بأن تخدم شهراً واحداً، أم أن من تعود خدمة الدنيا لا يستطيع أن يترك خدمتها ليخدمه ربه وخالقه لشهر واحد، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

  وليعلم المسلم أن رمضان يعتبر كآخر محطة أو سوق يتزود منها المسافر في نهاية طريقه، أو كأول سوق أو محطة يتزود منها لسفره، فلعله في خلال طريقه لا يعثر على محطة يتزود منها، فليكثر من الزاد من خشي الإنقطاع، فأنت لا تدري متى ستموت وينقطع عملك.

  الثامن: أن يحرص على اختيار المكان المناسب والجليس المناسب الذي يكون معيناً له على الطاعة والعبادة، ولا مكان أفضل من المساجد بيوتِ الله التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، ولا جليس أفضل من الجلساء الصالحين المؤمنين الذين إذا نسي ذكروه، وإذا غفل وعظوه، وإذا زاغ أرشدوه، كما قال النبي ÷ «إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء حامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك - أي يعطيك هدية منه - وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه رائحة خبيثة»، فليترك المسلم المجالس التي كان يألفها قبل رمضان، وليألف أماكن العبادة، ومجالس الذكر، لعله أن يحظى بلطف وتوفيق وتسديد يكون معيناً له خلال السنة كلها.