26 - في استقبال شهر رمضان
  شر وسوء وعقاب مُبْعِد، كما قال تعالى {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}[البقرة: ١٨٥].
  وقد جعل الله تعالى هذا الشهر الكريم وقتاً تؤدى فيه عبادة من أفضل العبادة، وقربة من أعظم القربات، وتقام فيه فريضة من الفرائض الواجبات، وركن من أركان الإسلام اللازمة المتحتمة على كافة المكلفين من المسلمين والمسلمات، التي لا يتم لأحد اسم الإسلام إلا بالقيام بها، ولا يكمل إيمان عبد إلا بتأديتها، ألا وهي الصوم، الذي افترضه الله تعالى على عباده طهرة لهم من السيئات وزكاة، وطريقاً مقربة إلى تقواه ورضاه.
  وقد جعل الله تعالى ما شرع لعباده وكلفهم بتأديته من التكاليف والتشريعات، موافق لمصالحهم، مطابق لما فيه فوائدهم ومنافعهم، لعلمه تعالى بالمصالح، ولغناه أيضاً عما كلفهم به وأمرهم به، وإنما أراد تعالى بذلك أن يزيدنا من نعمه، وأن يبتلينا لينظر كيف نؤدي شكره، فالصيام واحد من تلك التشريعات التي فيها فوائد عظيمة للعباد في دينهم ودنياهم وآخرتهم:
  فمن فوائده الدينية ما يلي:
  الأول: أنه يقرب العبد من الله تعالى حيث أن الصيام يروض النفس ويؤدبها، ويكبح جماحها فتكون معه أقرب إلى الهدى والتقوى، وأبعد عن المعصية والردى، كما قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ١٨٣}[البقرة]، لأن مع قلة الأكل تضعف الشهوات واللذات، فيكون الصائم أضعف من أن يقوم بمعصية، ومع قلة الأكل أيضاً ينشط العبد على الطاعات، لأن الشبع يورث الكسل والملل والخمول، بسبب الطعام الذي قد كثر في بطن الإنسان، ومع التقرب بالطاعات والإبتعاد عن المعاصي، يكون العبد قد اتقى الله تعالى، فالصيام من أعظم الوسائل إلى نيل التقوى، وإذا نال العبد التقوى،