29 - في فضل القرآن وتلاوته
  كما روي عن ابن عباس قال: (كان جبريل # يلقاه كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ، يعرض عليه النبي ÷ القرآن)، وفي رواية أخرى (فيدارسه القرآن)، وروي أن النبي ÷ أسر إلى ابنته فاطمة الزهراء & فقال لها: «إن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة، وإنه عارضني العام مرتين، ولا أراه إلا حضر أجلي».
  وقد اقتدى الصحابة المخلصون، والأئمة المهتدون، والأولياء والصالحون برسول الله ÷، فجعلوا القرآن قوت أبدانهم، وراحة قلوبهم، وقووا به إيمانهم، وصححوا به يقينهم، فقاموا به آناء الليل، وتلوه أطراف النهار، وخشعت له جوارحهم، وسالت من الخوف والفزع مدامعهم.
  وكانوا يكثرون من تلاوته في رمضان، فكان بعضهم يختم المصحف في كل ثلاثة أيام، وبعضهم في كل خمسة أيام وبعضهم في كل سبعة أيام، بل بعض العباد الذين تخلوا للعبادة كان يقرأ في كل يوم ختمتين، ختمة في الليل وختمة في النهار، فكان يختم القرآن في رمضان ستين ختمة، كما روي ذلك عن عابد اليمن إبراهيم بن أحمد الكينعي رحمة الله عليه، ولله القائل:
  فشمر ولُذْ بالله واقرأ كتابه ... ففيه الهدى حقاً وللخير جامع
  هو الذخر للملهوف والكنز والرجا ... ومنه بلا شك تنال المنافع
  به يهتدي من تاه في معمه الهوى ... به يتسلى من دهته الفجائع
  أيها المؤمنون: إن فضائل تلاوة القرآن كثيرة لا تحصى، فعن علي #، قال: قال رسول الله ÷: «خير الناس من تعلم القرآن وعلمه، وفضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على خلقه».
  وعن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله ÷: «إن هذا القرآن مأدبة الله فتعلموا مأدبة الله ما استطعتم؛ إن هذا القرآن حبل الله المتين