روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

السابع: الخطب المتعلقة بشهر رمضان

صفحة 265 - الجزء 1

  فرجل قرأه فاتخده بضاعة فنقله من بلد إلى بلد ومن مصر إلى مصر يبتغي ما عند الناس.

  وقوم قرأوه فَثَقَّفُوه كما يثقف القدح، أقاموا حرفه، وضيعوا حدوده، واستَدَرُّوا به ما عند الولاة، واستطالوا به على الناس، يقول أحدهم: والله ما أسقط من القرآن حرفاً، ومتى كانت القراء كذا؟! مالهم كثر الله بهم القبور، وأخلى منهم الدور.

  وقوم قرأوا القرآن فوضعوه على القلوب فهملت لذلك أعينهم، وذبلت شفاههم، وأسهروا ليلهم، وأظموا نهارهم وخنوا في برانسهم، وبكوا في محاريبهم، فبهم يسقى الغيث، وبهم يدفع الله اللأواء، وبهم يقضي الله على الأعداء، والله لهذا الضرب من القراء أعز من الكبريت الأحمر.

  وروي عن النبي ÷ أنه قال: «إن أخوف ما أخاف على أمتي أن يكثر المال لهم فيتحاسدوا ويقتتلوا، ويفتح لهم القرآن فيقرأه البر والفاجر والمنافق، فيجادلون به المؤمن ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلاَّ الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به، والناس في القرآن ثلاثة:

  فرجل يقرؤه بلسانه ولا يسوغ به الحنجرة، فهو له إصر وعذاب وعقاب.

  ورجل يقرؤه فخراً ورياء ليأكل به في دنياه فليس له منه يوم القيامة شيء.

  ورجل يأخذه بسكينة ووقار فهو له حجة يوم يلقى ربه».

  فعلينا أيها المؤمنون أن نستغل هذا الشهر الكريم في قرآءة القرآن وتعلمه، وتدبره وتفهمه، والعمل به وتطبيقه، وأن لا نجعل الدنيا نصب أعيينا، أو سبب تلاوتنا، ولا بد أن نخلص لله أعمالنا، ونطهرها من كل رياء وسمعة، وغرور وعجب، حتى ننال من الله الرضاء، ونفوز بالدرجات العلياء.

  نسأل الله أن يعيننا على ما يرضيه، وأن يجنبنا معاصيه، وأن يجعل صيامنا في هذا الشهر صيام الصائمين، وقيامنا قيام القائمين، إنه على كل شيء قدير.