31 - في التوبة ووداع رمضان
  عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ١٨٣}[البقرة]، ويكون الصائم أضعف من أن يقوم بمعصية، فالصيام من أعظم الوسائل إلى نيل التوبة، فهو يجعل العبد خائفاً من الله تعالى، بسبب الجوع والعطش اللذين يذكران العبد جوع يوم القيامة وعطشه، مما يجعل العبد يخاف يوم القيامة فيتوب عن معاصيه.
  أيها المؤمنون: إن فتح باب التوبة نعمة من نعم الله تعالى علينا، فإن العاصي والمتعدي لحدود الله، والمقصرَ في أوامر الله تعالى يكون قد أخلّ بشكر النعم التي أنعم الله عليه، والمخل بشكر النعمة، يستحق العقاب، ولكن الله تعالى لا يريد أن يعذبنا، بل يريد بنا الخير، ويحب لنا ما فيه فائدتنا وصلاحنا في دنيانا وآخرتنا، ففتح لنا باب التوبة ودعانا إليه، ولو كثرت ذنوبنا، وتعددت خطايانا، وتنوعت سيئاتنا فهو تعالى يمحو ويعفو، كما قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ٥٣ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ٥٤ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ٥٥ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ٥٦}[الزمر].
  ومن رحمة الله بهذه الأمة أن يسر لها طرق التوبة، وسهلها عليها، فلقد كانت الأمم السابقة، لا تقبل منهم التوبة إلا بأن يقتلوا أنفسهم بأيديهم، بأن يأخذ السيف أو آلة القتل بيده فيقتل نفسه بها، وكان الرجل منهم يصبح وقد كتب الله تعالى توبته على جبهته، توبتك أن تخرج عينك، أو تقطع أذنك، أو تقتل نفسك، كما قال الله تعالى: {فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ٥٤}[البقرة]، أما هذه الأمة فقد يسر الله لها السبيل إلى التوبة.
  كما روي عن عبد الله بن مسعود، عن النبي ÷، أنه قال: «من أخطأ خطيئة أو أذنب ذنباً ثُمَّ ندم فهو كفارة له».