روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

33 - حول مواضيع متعددة هامة في شهر رمضان

صفحة 294 - الجزء 1

  فالقائمون على إدارة وبرمجة القنوات يشعرون أنَّ جمهور المشاهدين هم أناسٌ أقرب إلى الجهل، وبسطاءُ لا يحتملون جهداً من التركيز للتمييز بين ما ينفعهم وما يضرهم، وفارغون نفسياً ووجدانياً ينتظرون الأغاني والرقصات والفكاهات لكي تشبع أفئدتهم الفارغة، ويترقبون عرض الدعايات والمسلسلات المضحكة التي تدل على قلة وعيهم، ودنآءة ذوقهم، ولو كان المشاهدون على قدر من الوعي لتركوا مشاهدة تلك البرامج التي تستهين بهم، وتضيع أوقاتهم، ولو تركوا مشاهدتها لما راجت هذه البضاعة الفاسدة في أوساط الأسر وتغلغلت في داخل المجتمعات، ولكانت مضطرة إلى حذف تلك البرامج وتقديم البرامج النافعة التي تحترم وعي المشاهد وتراعي حرمة الشهر الكريم، وتُحسِنُ إلى المسلم بدلاً من أن تسيء إليه.

  فإذا كان الإنسان غيوراً على نفسه وأهله، فعليه أن يحمي أسرته من هذه الشاشات والقنوات التي تضيع أوقاتهم، وتستخف بدينهم ومشاعرهم وعقولهم وقِيَمِهم.

  ومما يثير العجب: أنك ترى إقبالاً كبيراً على محلات الإلكترونيات قبل دخول شهر رمضان، يتسابقون إلى شراء الشاشات، أو إصلاح ما قد تعطل منها، بل قد يقوم بعض المنحلين أخلاقياً ببيع بعض الأشياء الثمينة عنده ليقتني هذه الملهيات، التي تلهيه وتلهي أهله، ويؤثر شراءها على شراء بعض المحتاجات الضرورية واللازمة للأسرة.

  وإذا أردت نصيحته، أو حاولت صرفه يتعلل ويعتذر بأنه يريد أن يتابع أخبار العالم الإسلامي، ويهتم بشؤون المسلمين، وهذا عذر أقبح من فعل، وتعليل بارد لا يقبله العقل السليم، لأن من لم يهتم بأمر نفسه وأهله، كيف سيهتم بأمر المسلمين عموماً، إذا لم يستطع أن يتابع أولاده أين ذهبوا؟ ومع من مشوا؟ وأين غابوا؟ ومتى إلى البيت عادوا؟ وهل صلوا الصلوات في المسجد في جماعة أم لا؟ وهل تَلَوْا شيئاً من القرآن أم لا؟ من لم يتابع أولاده وأسرته في هذه الأمور الدينية، بالله عليك كيف سيتابع أو يهتم بأمور المسلمين، وهذا إنما هو من تزيين الشيطان له ما يجعله يتقبل هذه الفكرة، ويرجحها على غيرها.