روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

السابع: الخطب المتعلقة بشهر رمضان

صفحة 295 - الجزء 1

  أو يعتذر بأنه يريد أن يقطع الوقت وهو يتابع القنوات، ويَمْثُلَ خاشعاً قانتاً أمام الشاشات: وهذا عذر مَن لم يعرف أهمية الوقت، فبدلاً من استثمار ساعات الليل والنهار في الطاعات، يضيعه فيما يعود عليه بالويلات والحسرات، فيا ترى من أسوأ منه حالاً، ومن أكسف منه بالاً، وما أحقه بقول النبي ÷ «أتاني جبريل وقال لي: يا محمد، من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له، فأبعده الله، قل: آمين، فقلت: آمين»، وقوله ÷ «فإن الشقي كل الشقي من حرم فيه رحمة الله»، فهل يحسب هذا أو يظن أنه سينال رحمة الله بابتعاده عن الله، وعن بيوته، وعن كتابه، وعن أوليائه، لقد خاب ظنه وخسر.

  الثالث: الأسواق: شهر رمضان شهر تكثر فيه الأرباح الدنيوية والأخروية، ولكل أرباح سوق، ولكل سوق أماكن وأهل، فأماكن الأسوق والأرباح الأخروية هي المساجد وأماكن الطاعات، وأماكن الأسوق والأرباح الدنيوية هي أماكن البيع والشراء، والناس بين مستعد للأرباح الأخروية، ومستعد للأرباح الدنيوية.

  فأهل الأرباح الدنيوية تبدأ تجهيزاتهم واستعداداتهم من قبل رمضان بشهر أو نحو ذلك، فتكثر الأعمال لديهم بسبب إقبال الناس عليهم، فمن أول الشهر يكون الإقبال على محلات المواد الغذائية لتوفير المحتاجات الغذائية للأسرة، وما إن يبدأ الشهر بالإنتصاف حتى يبدأ الإقبال على محلات الملابس، ويتزايد ذلك بدخول العشر الأواخر.

  فالإنسان الحريص العاقل لا يجعل نفسه ووقته عرضة للضياع والإهمال، بل ينظم وقته، فلا يرتاد الأسواق إلا لقضاء حاجته وحاجة أهله ثم يعود إلى جدول طاعاته، واستغلال أوقاته.

  والإنسان المضيع يقطع أكثر ليله وأكثر نهاره في الأسواق، فتراه من بعد الظهر أو من قبل العصر إلى قبل المغرب في السوق، ثم يعود إلى بيته لتناول الإفطار ثم يعود إلى السوق ويبقى فيه إلى بعد منتصف الليل بساعة أو ساعتين، وهكذا