34 - حول غزوة بدر الكبرى وفتح مكة
  وذكَّرَ المؤمنين بما امتن عليهم من النصر والتأييد، والظفر والتسديد، فقال تعالى {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ١٢٣ إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ ١٢٤ بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ ١٢٥ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ١٢٦}[آل عمران]، وذكر الله تعالى في سورة الأنفال كثيراً من آياته وتأييداته، ويشرح فيها أرض المعركة في قوله تعالى {إِذْ أَنْتُمْ}[يوسف: ٨٩] أيها المؤمنون معسكرون ومنتظرون {بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا}[الأنفال: ٤٢] أي بجانب الوادي القريب من طريق المدينة، {وَهُمْ}[البروج: ٧] أي المشركون معسكرون ومتأهبون للقاءكم {بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى}[الأنفال: ٤٢] أي بجانب الوادي البعيد من المدينة، {وَالرَّكْبُ}[الأنفال: ٤٢] أي القافلة التي خرجتم لأخذها وخرج المشركون لحمايتها، {أَسْفَلَ مِنْكُمْ}[الأحزاب: ١٠] أي خلفكم، {وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ}[الأنفال: ٤٢] أي لو جعلتم بينكم وبين المشركين ميعاداً مكانياً وزمانياً للقتال {لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ}[الأنفال: ٤٢]، لأن كل فريق منكم يراعي ظروفه القتالية فالمسلمون كانوا في أول الأمر في غاية من الضعف والخوف، بسبب القلة وعدم الأهبة للحرب، ونزلوا بعيداً من الماء، والأرض التي نزلوا فيها أرضاً رملية تغوص أرجلهم فيها، والمشركون كانوا في غاية القوة بسبب الكثرة في العدد والعدة، وحصول الألات والأدوات القتالية، وكانوا قريباً من الماء، والأرض التي نزلوا فيها أرض صالحة للمشي، فهذه الظروف لم تكن مؤاتية للقاء الفريقين لو حصل ذلك عن ميعاد بينهم، {وَلَكِنْ}[القيامة: ٣٢] هيأ الله أسباب اللقاء بلا ميعاد {لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا}[الأنفال: ٤٤]، بإعزاز نبيه ÷، وإظهار دينه، {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ ٤٢}[الأنفال]، ثم ذكر الله تعالى بعض المعجزات والآيات التي حصلت، وكانت من أسباب النصر والظفر، فمنها: