السابع: الخطب المتعلقة بشهر رمضان
  الأول: الرؤيا التي رآها النبي ÷ في المنام في قوله تعالى {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا}[الأنفال: ٤٣] فقد أرى اللهُ نبيه ÷ المشركين عدداً قليلاً، ليكون ذلك سبباً في شد عزائم المسلمين، وتقوية هممهم، ورفع معنوياتهم {وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ}[الأنفال: ٤٣]، بينما لو رآهم النبي ÷ في المنام كثيراً وأخبر أصحابه بذلك لحصل الفشل والضعف والتنازع، بأن تختلف الآراء، فالبعض قد يقول ننتظر مجيئهم فنقاتلهم، وآخرون سيقولون: بل نهجم عليهم كي لا يظنوا أنا قد جبنَّا وضعفنا عنهم، وبعض آخر قد يلتمس عذراً في الرجوع، إلى غير ذلك من أسباب الفشل، {وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ٤٣}[الأنفال]، فكان هذا من تأييد الله تعالى.
  الثاني: عندما التقى الجيشان وقع مضمون الرؤيا على حقيقته فقد رأى المسلمون أن المشركين عدداً قليلاً، حتى كان المسلمون يتسآءلون فيما بينهم عن تقدير جيش المشركين، فيسأل المسلم أخاه المسلم: كم تظنهم؟ فيجيبه الآخر: أظنهم مائة أو مائتين أو قريباً من ذلك، فكان ذلك مقوياً لعزائم المسلمين في محاولة القضاء على المشركين، وفي المقابل فقد رأى المشركون قلة المسلمين على الحقيقة حتى طمعوا في القضاء عليهم، كما قال تعالى {وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ٤٤}[الأنفال].
  الثالث: استجاب الله دعاء المؤمنين واستغاثتهم بربهم فأمدهم بملائكته، في قوله تعالى {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ ٩ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ١٠}[الأنفال]، ثم قال تعالى {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ ١٢}[الأنفال]، فكان المجاهد من المسلمين يلحق المشرك يريد قتله فما ينتبه إلا برأس المشرك يتأرجح أمامه، أو الدم ينزف