السابع: الخطب المتعلقة بشهر رمضان
  كان آخر ليلةٍ غفر لهم جميعاً، قال فقال قائلٌ: أهي ليلة القدر يا رسول الله؟ قال: ألم تر إلى العمال إذا فرغوا من أعمالهم وُفُّوا أجورَهم».
  ولقد كان الصالحون والعباد يعطون هذه الليلة حقها، ويعرفون قدرها، فقد روي أن زين العابدين علي بن الحسين #، إذا دخل شهر رمضان لا يضرب عبدا له ولا أمة، وكان إذا أذنب العبد والامة يكتب عنده: أذنب فلان، أذنبت فلانة يوم كذا. وكذا، ولم يعاقبه فيجتمع عليهم الادب، حتى إذا كان آخر ليلة من شهر رمضان دعاهم وجمعهم حوله، ثم أظهر الكتاب، ثم قال: يا فلان فعلت كذا وكذا، ولم أؤدبك، أتذكر ذلك؟ فيقول: بلى يا ابن رسول الله. حتى يأتي على آخرهم ويقررهم جميعا، ثم يقوم وسطهم ويقول لهم: ارفعوا أصواتكم، وقولوا: يا علي بن الحسين إن ربك قد أحصى عليك كلما عملت كما أحصيت علينا كلما عملنا، ولديه كتاب ينطق عليك بالحق لا يغادر صغيرة ولا كبيرة مما أتيت إلا أحصاها، وتجد كلما عملت لديه حاضرا كما وجدناه كلما عملنا لديك حاضرا، فاعف واصفح كما ترجو من المليك العفو، وكما تحب أن يعفو المليك عنك، فاعف عنا تجده عفوا، وبك رحيما، ولك غفورا، ولا يظلم ربك أحدا، كما لديك كتاب ينطق بالحق علينا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة مما أتيناها إلا أحصاها، فاذكر يا علي بن الحسين ذل مقامك بين يدي ربكالحكم العدل، الذي لا يظلم مثقال حبة من خردل، ويأتي بها يوم القيامة، وكفى بالله حسيبا وشهيدا، فاعف واصفح يعف عنك المليك ويصفح فإنه يقول: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ}[النور: ٢٢]، قال: وهو ينادي بذلك على نفسه ويلقنهم، وهم ينادون معه، وهو واقف بينهم يبكي وينوح ويقول: رب إنك أمرتنا أن نعفو عمن ظلمنا وقد ظلمنا أنفسنا، فنحن قد عفونا عمن ظلمنا كما أمرت، فاعف عنا فإنك أولى بذلك منا ومن المأمورين، وأمرتنا أن لا نرد سائلا عن أبوابنا وقد أتيناك سؤالا ومساكين، وقد أنخنا بفنائك،