روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

36 - غزوة أحد والدروس المأخوذة منها

صفحة 320 - الجزء 1

  فلا بد أن نتذكر شيئاً من تلك المعاناة التي لقيه النبي ÷ لنتخذ لنا منها دروساً وعبراً في حياتنا، ولا بد أن يعرف آخر هذه الأمة ما لقيه أولها، وأن يحصل الإرتباط الوثيق بين أول الأمة وآخرها، ليحصل التأسي والإقتداء.

  فمن أعظم ما عاناه النبي الكريم ÷، ومن أعظم الغزوات التي دارت بين النبي ÷ مع المشركين هي غزوة أحد، التي كانت في مثل هذا الشهر، شهر شوال، في يوم السبت ١٥ من الشهر السنة ٣ هـ.

  فإن المشركين لما انهزموا في بدر، ولقوا فيها القتل والأسر، وحصل ما وعد الله به نبيه من الظفر والنصر، رجعوا إلى مكة يتذاكرون قتلاهم، ويتأسفون عليهم، اتفقوا على أن يجعلوا القافلة التي بسببها كانت غزوة بدر أرباحها ورؤوس الأموال فيها تجهيزاً لغزوة ينقمون الثأر فيها من رسول الله ÷ ومن المسلمين.

  فمكثوا سنة كاملة يهيئون ذلك ويعدون له العدة، حتى جهزوا ثلاثة الآف مقاتل، بينهم مئتا فارس، وسبعمائة دارع، ومعهم ثلاثة آلاف بعير، وأخرجوا معهم نسائهم حتى لا يفروا.

  فلما وصل المشركون قريباً من المدينة نزلوا بناحية أحد، فلما علم النبي ÷ والمسلمون بقدوم قريش إلى المدينة استشار النبي ÷ المسلمين في التحصن بالمدينة ولم يرَ الخروج عنها لرؤيا كان قد رآها، وهي أنه في درع حصينة، ورأى بقراً تذبح، وثلماً في سيفه، وكأنه يردف كبشاً، فأول الدرع الحصينة بالمدينة، والبقر بقتل رجال من أصحابه، والثلم بقتل رجل من أهل بيته، والكبش بقتل كبش كتيبة العدو، ولكن الذين لم يحضروا بدراً كانوا متشهين للقاء العدو فأشاروا بالخروج عن المدينة، كي لا يتوهم المشركون أنهم عجزوا أو جبنوا عن لقائهم، فاضطر النبي ÷ أن يقبل رأيهم، فدخل ولبس لامة