37 - غزوة الخندق (الأحزاب)
  وإن من أعظم تلك الصعاب، هي غزوة الخندق، والتي تسمى غزوة الأحزاب، التي اتحدت فيها قوى الشر والشرك، وهم قريش واليهود وبعض قبائل الجزيرة العربية المناوئة للإسلام، التي اجتمع فيها ما يقرب من عشرة آلاف من المشركين لغرض القضاء على الدولة الإسلامية.
  هذه الغزوة التي كانت في شهر شوال من السنة الخامسة للهجرة النبوية، واستمرت قرابة شهر، فقد كان عدد المسلمن: ثلاثة آلاف رجل، وقيل ألف وخمسمائة رجل.
  بينما عدد جيش الأحزاب عشرة آلاف رجل من قريش وغطفان وغيرهم.
  وقد بين الله تعالى ما حصل للمسلمين أثناءها من الشدة والجهد، والعناء والتعب، في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا ٩ إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا ١٠ هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا ١١}[الأحزاب].
  هذه الغزوة التي كان لليهود فيها الدور الأكبر، في التحريض والتأليب ضد الإسلام، حيث ذهب نفر من يهود بني النضير إلى قريش وغطفان وألبوهم وحرضوهم على التحزب والإجتماع للقضاء على النبي ÷، فأجابوهم إلى ذلك، فلما علم النبي ÷ بتجمع القبائل من قريش وغطفان لمحاولة القضاء على الإسلام وأنهم أتوا بالعدد والعدة الكبيرة، شاور أصحابه في الأمر، فاجتمع رأيهم على البقاء في المدينة، فخرج النبي ÷ إلى ناحية جبل سلع يتبؤا مكاناً يليق بعسكر المسلمين أن يعسكروا فيه.
  وأشار سلمان الفارسي ¥ بحفر الخندق حول المدينة، لتكون المدينة محمية من جميع الجوانب، لأن المدينة من جهتي الشرق والغرب محصنتان بالحرتين الشرقية والغربية، ومن الجنوب بالنخيل وجزء من الحرة وبني قريظة، والجهة الشمالية