الثامن: الخطب المتعلقة بشهر شوال
  ومن ذلك: أن الله تعالى أنعم على نعيم بن مسعود الثقفي بالإسلام، فأسلم دون أن يعلم قومه، فقدم على النبي بين المغرب والعشاء وهو يصلي، فأخبره بإسلامه وبأن يأمره بما شاء، فأمره النبي ÷ بأن يخذل بين الأحزاب ما استطاع، فتمكن من التفريق بين بني قريظة وقريش وغطفان فتمكن من ذلك، حتى أيس كل منهم من الآخر.
  ومن ذلك: أن النبي ÷ لما اشتد الحال بالمسلمين علمهم كيف يلجأون إلى الله تعالى في النوائب والشدائد، فقد بقي النبي ÷ ثلاثة أيام هي الإثنين والثلاثاء والأربعاء يتضرع ويدعو الله في المكان الذي يسمى اليوم مسجد الفتح في المدينة، حتى جاء الفرج بالفتح يوم الخميس، حيث قذف الله الرعب في قلوب الأحزاب بأن استجاب لنبيه ÷ دعاءه وتضرعه، فأرسل عليهم ملائكة من عنده، وريحاً شديدة، ورعوداً وأمطاراً وعواصف اقتلعت خيامهم، وكفأت قدورهم، وأرعبت قلوبهم، فلما أصبح ارتحلوا عن المدينة، مهزومين خائبين، ورد الله كيدهم في نحورهم، ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً وكفى الله المؤمنين القتال، وكان الله قوياً عزيزاً.
  أيها المؤمنون: هكذا لقي النبي ÷ وأصحابه المتاعب والمصاعب، فاستهونوا الحتوف، واستلانوا الصعاب، وبذلوا مهجهم وأموالهم دفاعاً عن الدين، وذباً عن حوزة المسلمين، حتى سطروا أروع البطولات، فلنحتذ حذوهم في الدفاع عن الدين.
  وفقني الله وإياكم لما يرضيه، وجنبنا معاصيه، وجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، إنه على كل شيء قدير، وبالإجابة جدير، {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ١ اللَّهُ الصَّمَدُ ٢ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ٣ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ٤}[الإخلاص]، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولوالدينا ووالديكم، ولكافة إخواننا المؤمنين والمؤمنات، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.