روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

الثامن: الخطب المتعلقة بشهر شوال

صفحة 331 - الجزء 1

  جهة الجنوب من المدينة خوفاً من بني قريظة أن يغيروا على المدينة وليس بها إلا الأطفال والنساء، فأصاب المسلمون من الشدة في هذه الحال ما لا يعلمه إلا الله تعالى.

  بقيت الأحزاب تحاصر المدينة خمسة عشر يوماً وقيل أكثر، فلما أراد الله تعالى إذلال الأحزاب وهزيمتها سبب الأسباب في ذلك ويسر ذلك للمسلمين، فكان من أسباب النصر ما يلي:

  من ذلك: أنه حاول بعض الفرسان المعدودين في قريش أن يعبروا الخندق وهم قرابة أربعين فارساً، فرأوا فرجة بسيطة فتمكن ثلاثة منهم من العبور خلالها بفرسانهم، وهم عمرو بن عبد ود العامري، وعكرمة بن أبي جهل، والمغيرة بن نوفل المخزومي، فنادى عمرو بأعلى صوته وهو يجول بفرسه ورمحه أمام المسلمين: هل من مبارز، ألستم تزعمون أن قتلاكم في الجنة وقتلانا في النار، فلم يجبه أحد منهم وكأن على رؤوسهم الطير، إلا علياً # فإنه يقول: أنا له يا رسول الله، فأذن له النبي بعد أن ناداهم العامري ثلاث مرات، فخرج إليه علي # فقال النبي ÷: برز الإسلام كله للشرك كله، فكره عمرو لقاء علي ولكن علياً أحب قتله وهزمه، فدعاه علي إلى الإسلام فأبى، ودعاه إلى العودة من حيث أتى، فأبى، فدعاه إلى البراز، وكان عمرو راكباً فنزل وعقر فرسه، فتناوشا وتضاربا وتصارعا وتبارزا وتنازلا وتسابقا والتحما وانفصلا، وتقاربا وتباعدا، والمسلمون والمشركون كلهم ينظرون إلى هذه المبارزة الشديدة، فثار الغبار بينهما فغطاهما، فضربه علي # في رجله فقطعها، ثم برك على صدره، فانجلت الغبرة وعلي على صدره، وعمرو قد اشتد غضبه فبصق في وجه علي بصقة ملأت وجهه، وأمره أن يجهز عليه، ولكن علياً قام وجال في الميدان وسيفه في يده وعدوه مجدل أمامه، لكي يرى المسلمون تأييد الله تعالى لدينه، ويرى المشركون أن كبريائهم وعتوهم صار مدحوراً، ثم أجهز عليه وقتله، فكفى الله المؤمنين القتال بقتل علي عَمْرَاً، ودخل على المشركين من قتله ذُل كبير، فهرب نوفل فسقط به خيله في الخندق، فزل علي # فقتله، وأما عكرمة فنجا.