روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

الثامن: الخطب المتعلقة بشهر شوال

صفحة 335 - الجزء 1

  ومن ذلك: أن على صاحب الحق أن يكثر الرجوع إلى الله والإلتجاء إليه، وأن يكون مستعيناً بالله، ومتوكلاً على الله، وأن يدفع شر عدوه وكيده ومكره بالله تعالى لا بحوله وقوته، كما فعل النبي ÷ فقد تفرغ للإبتهال والتضرع إلى الله، في تلك الحال الشديدة، حتى فرج الله عليه، وأثابه بالفتح من عنده، هزم الأحزاب، {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ٢١}⁣[الأحزاب].

  ومن ذلك: أن على المسلم أن يقدم كل ما بوسعه في سبيل خدمة دينه، وإذلال عدوه، بما يمكنه من القدرة، فالشجاع ببسالته، والغني بماله، وصاحب الرأي برأيه، وذو الوجاهة والمكانة بمكانته ووجاهته، وكل مسلم بتضحيته، وأن يبذل المسلم كل ما بوسعه من طاقة وقدرة في سبيل الدفاع عن الدين، ولو سهر الليل كله، وتغرب عن أهله، وخرج من وطنه وموضع رجله ومسقط رأسه، وفارق أولاده وأحبته، فكل ذلك فداء للدين، وقربان يتقرب به المسلم عند رب العالمين كما قال النبي ÷ «اجعل مالك دون عرضك، واجعل مالك وعرضك دون نفسك، واجعل مالك وعرضك ونفسك دون دينك»، كما فعل الرجال العظماء في تلك الغزوة، كأمير المؤمنين علي بن أبي طالب # في قتل عمرو بن ود ومن معه، وكما فعل نعيم بن مسعود الثقفي، الذي استغل وجاهته ومكانته في تفريق الأحزاب، وتشتيت كلمتهم، وتفريق صفهم، هذا فعل المؤمنين لا فعل المنافقين الذين يفرقون صفوف المسلمين.

  أيها المؤمنون: إن الإسلام لم يصل إلينا على طبق من ذهب، وإنما وصل إلينا تحمله دماء الشهداء، وبسالة العظماء، ووفاء الأبطال الأتقياء، الذين باعوا من الله أنفسهم، وضحوا من أجل الله ورسوله ودينه بدمائهم وأرواحهم وجميع ممتلكاتهم، لينالوا الجزاء والمكافأة من الله في الآخرة، فالواجب علينا أن نحفظ ديينا، وأن نصون مبادئنا، وأن لا نفرط في شيء من ذلك، وأن نجعل ديننا هو المفدى بدنيانا، والمقدم على كل شيء عندنا، فالدين هو الأهم، والمقصود الأعظم، وكل ما سواه فالواجب علينا أن نجعله طريقاً وموصلاً إليه.

  وفقنا الله وإياكم لما يرضيه، وجنبنا معاصيه، وجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.