38 - حول فضل الحج وثوابه
٣٨ - حول فضل الحج وثوابه
الخطبة الأولى
  
  الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي شَرَعَ الْإِسْلَامَ فَسَهَّلَ شَرَائِعَهُ لِمَنْ وَرَدَهُ، وَأَعَزَّ أَرْكَانَهُ عَلَى مَنْ غَالَبَهُ، فَجَعَلَهُ أَمْناً لِمَنْ عَلِقَهُ، وَسِلْماً لِمَنْ دَخَلَهُ، وَبُرْهَاناً لِمَنْ تَكَلَّمَ بِهِ، وَشَاهِداً لِمَنْ خَاصَمَ عَنْهُ، وَنُوراً لِمَنِ اسْتَضَاءَ بِهِ، وَفَهْماً لِمَنْ عَقَلَ، وَلُبّاً لِمَنْ تَدَبَّرَ، وَآيَةً لِمَنْ تَوَسَّمَ، وَتَبْصِرَةً لِمَنْ عَزَمَ، وَعِبْرَةً لِمَنِ اتَّعَظَ، وَنَجَاةً لِمَنْ صَدَّقَ، وَثِقَةً لِمَنْ تَوَكَّلَ، وَرَاحَةً لِمَنْ فَوَّضَ، وَجُنَّةً لِمَنْ صَبَرَ، فَهُوَ أَبْلَجُ الْمَنَاهِجِ، وَأَوْضَحُ الْوَلَائِجِ.
  والحمد لله الذي جعل من تلك الشرائع والسبل حج بيته الحرام، الذي جعله قبلة للأنام، وفرضَه على من استطاع إليه سبيلاً من الأنام، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه.
  وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ ولي المؤمنين.
  وأشهد أن مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الصَّفِيُّ، وَأَمِينُهُ الرَّضِيُّ، أرْسَلَهُ بِوُجُوبِ الْحُجَجِ، وَظُهُورِ الْفَلَجِ، وَإِيضَاحِ الْمَنْهَجِ، فَبَلَّغَ الرِّسَالَةَ صَادِعاً بِهَا، وَحَمَلَ عَلَى الْمَحَجَّةِ دَالًّا عَلَيْهَا، وَأَقَامَ أَعْلَامَ الِاهْتِدَاءِ، وَمَنَارَ الضِّيَاءِ، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ الطَّيبِينَ.
  أما بعد: أيها المؤمنون: نحن في هذه الأيام المباركة نعيش استقبال موسم من مواسم الله ø، ووقت فريضة من فرائض الدين، وركن من أركان الإسلام، في هذه الأيام الكريمة يستشعر المسلمون الركن الخامس من أركان الإسلام، الذي تتوق قلوب جميع المسلمين إليه توقاً، وتستشري نفوسهم إليه شوقاً، وتتلهف إليه أفئدتهم محبة وولعاً، لما جعل الله تعالى من الرغبة الداعية، والشوق المتزايد الذي جبلت عليه قلوب المؤمنين، محبة وتعظيماً وتشريفاً لبيت الله الحرام، كما يقول أمير المؤمنين علي #:
  وَفَرَضَ عَلَيْكُمْ حَجَّ بَيْتِهِ الْحَرَامِ، الَّذِي جَعَلَهُ قِبْلَةً لِلْأَنَامِ، يَرِدُونَهُ وُرُودَ الْأَنْعَامِ، وَيَأْلَهُونَ إِلَيْهِ وُلُوهَ الْحَمَامِ، وَجَعَلَهُ سُبْحَانَهُ عَلَامَةً لِتَوَاضُعِهِمْ لِعَظَمَتِهِ، وَإِذْعَانِهِمْ لِعِزَّتِهِ،