روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

38 - حول فضل الحج وثوابه

صفحة 345 - الجزء 1

  سرعة المبادرة، ولو اضطر إلى أن يبيع شيئاً من ماله ليستدرك به ما قد فرط من الواجب عليه، فإذا كان لا يملك شيئاً أو كان يملك شيئاً يسيراً لكنه إن باعه ضاع أهله وعياله، فعليه أن يوصي بذلك.

  الثالث: هناك الكثير من الوصايا في ذمة الكثير من الناس، وهي لا تزال عالقة في أموالهم لم يتخلصوا منها، فكم من رجل أو امرأة أوصى بحجة في ماله، ثم إن الورثة اقتسموا الأموال ولم ينظروا إلى الوصية ولم يلقوا لها بالاً، ولم يرفعوا لها رأساً، أو أن الورثة سيطروا على أموال الموصي وتصرفوا فيها، وتركوا الوصية وراء ظهورهم، بل البعض من تلك الوصايا قد درجت عليها الدرج، وتعاقبت فيها الذرية والأجيال.

  أوَ لا يعلم ذلك الذي أخذ المال ولم ينفذ الوصية أنه يتصرف في حق غيره، ويأكل ما ليس له؟!

  أوَ لا يعلم أن ذمته لن تبرء حتى يقوم بما هو عليه، أو يترك المال لغيره، وأنه بتفريطه قد بطلت وصايته إن كان وصياً، وانتقلت إلى غيره، وأنه يجوز لغيره من الورثة أن ينتزع المال من تحت يده لإنفاذ الوصية الواجبة، أوَ لا يعلم أنه إن مات فحالته سيئة، ومصيره ومرتعه وبيل.

  والمشكلة أن البعض من الناس إنما يتساهل في هذا ويفرط فيه بسبب تعصبه، فهو يستحيي ويستكبر أن يبيع أو يخرج الحق في المال الذي أوصى به غيره، ويستمر على هذا السنين الطويلة حتى يموت، ويخلفه ورثته ثم كذلك، حتى تنسى الوصايا ولا تعلم بسبب التفريط والتعصب، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

  الرابع: الواجب على من كانت حاله كما ذكرنا سابقاً، أن يبادر بتخليص الذمة، وإخراج الحق، وأن يسارع في ذلك، فإنه إن لم يستطع أن يحج بنفسه، فسيجد من يحج غيره، وإذا كان لا يستطيع أن ينفذ الوصية فليرد المال الموصى به إلى غيره ممن سيقوم بذلك، ولا يستكبر عن الحق وقبوله.