روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

التاسع: الخطب المتعلقة بشهر الحجة

صفحة 349 - الجزء 1

  منها: مضاعفة الأجر والثواب في التكليف الشاق، فكل ما شق التكليف وصعب، عظم الأجر والثواب وضوعف، وإذا صغر البلاء صغر الجزاء.

  ومنها: تعليم العباد كيف يحاربون النفس والشيطان، ويزيلون من أنفسهم الشكوك والريب بالتسليم لله، والإنقياد له، والرضا بتكليفه، وعدم الإنزعاج أو التضجر مما أمر به ونهى عنه.

  ومنها: إخراج الكبر من قلوبهم، وتعليمُهم كيف يتواضعون لله تعالى ويتذللون له جل وعلا، مع ما وعدهم على ذلك وأعد لهم من الأجر والثواب الزائد على تلك الحكم والفوائد، فسبحانه من راحم عليم، قادر حكيم، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد.

  أيها المؤمنون: شرع الله الحج ركناً الخامس للإسلام لا يتم إلا به، ومن رحمته تعالى بعباده فقد جعله تكليفاً مشروطاً بالإستطاعة، كما قال تعالى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ٩٧}⁣[آل عمران]، ولم يجعل سبحانه وتعالى فريضة الحج الواجبة مع الإستطاعة الكاملة إلا مرة واحدة في العمر، تخفيفاً على العباد، وتيسيراً لطرق الرشاد، لما يعلمه تعالى من تعب الحج وصعوبته، وبُعد مسافة الوصول إليه ومشقته، وقد بيّنه رسول الله ÷ كما بيّن غيره من الشرائع، وأوضحه كما أوضح بقية الأركان والفرائض، فقد حج ~ حجة الوداع في السنة التاسعة للهجرة، وقال «خذوا عني منا سككم، فلعلي لا أحج بعد عامي هذا»، وقد قامت شرعية الحج على أسس قويمة، وحِكَمٍ متينة، تترسخ من خلالها مبادئ الإسلام، وتتعمق في الوجدان جذورُ الإيمان، فإن الحج مدرسة تربوية وتطبيقية، يتعلم المسلم من خلاله كيف يقوي علاقته مع الله؟ كيف يربي نفسه ويروضها على التسليم والإنقياد لأوامر الله؟ كيف يتعامل مع المسلمين الذين يشترك معهم في هذا الدين العظيم؟.

  وقد يقول القائل: كيف يكون الحج سبباً في تقوية علاقة العبد مع الله تعالى؟