41 - في فضل عرفة والأيام التي تليه
  نبيهم الكريم ÷ حيث يقول «خذوا عني مناسككم»، فقد علّم النبي أمته مناسك الحج وأركانه.
  ففي الخامس والعشرين من شهر ذي القعدة من السنة العاشرة للهجرة أعلن الرسول ÷ عن عزمه إلى حج بيت الله الحرام، فقدِمَ المدينة بشرٌ كثيرٌ كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله ÷ ويعمل مثل عمله، فخرج معه ÷ مائة ألف من المسلمين من الرجال والنساء، وقيل أكثر، وساق معه بعضاً من الهدي، قال جابر بن عبد الله: فخرجنا حتى أتينا ذا الحليفة، فصلى رسول الله ÷ في المسجد، ثم ركب ناقته القصوى، حتى إذا استوت به ناقته في البيداء نظرتُ مُدّ بصري من بين يديه مِن ماشٍ، وعن يمينه مثلُ ذلك، وعن يساره مثلُ ذلك، ومن خلفه مثلُ ذلك، ورسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بين أظهرنا عليه يتنزل القرآن وهو يعرف تأويله، وما عمل من شيءٍ عملناه، فأهللنا بالتوحيد: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك)، وأَهَلَّ الناسُ بهذا الذي يهلون به اليوم، فلم يَرُدَّ عليهم رسولُ الله ÷ شيئاً منه، ولزم رسولُ الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم تلبيته، وبقي ملبياً حتى دخل مكة المكرمة، وطاف بعدها بالبيت سبعة أشواط، واستلم الحجر الأسود وصلّى ركعتين عند مقام إبراهيم وشرب من ماء زمزم، ثم سعى بين الصفا والمروة.
  وقدم علي # من اليمن فأهل بما أهل به رسول الله ÷، وكان معه بقية الهدي، فكان عدد الهدي مائة من الإبل.
  وفي اليوم الثامن من ذي الحجة توجه إلى منى فبات فيها، وفي اليوم التاسع توجه إلى عرفة فصلى فيها الظهر والعصر جمع تقديم في وقت الظهر، ثم خطب خطبته الشريفة التي سميت فيما بعد بخُطبةِ الوداع، وبعد غروب شمس يوم عرفة نزل الرسول