42 - إمامة علي # وخلافته من البعثة إلى حجة الوداع
  قال: «أشهد أن قد صدقتم وصدقتموني؛ ألا وإني فرطكم وأنتم تبعي، توشكون أن تردوا عليّ الحوض، فأسألكم حين تلقوني عن ثَقَليَّ، كيف خلفتموني فيهما؟».
  قال: فأُعيل علينا ما ندري ما الثقلان، حتى قام رجل من المهاجرين فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله: ما الثقلان؟
  قال: «الأكبر منهما كتاب الله، سبب طرف بيد الله وطرف بأيديكم، فتمسكوا به ولا تولوا ولا تضلوا؛ والأصغر منهما عترتي، من استقبل قبلتي، وأجاب دعوتي، فلا تقتلوهم ولا تقهروهم ولاتَقْصُرُوا عنهم؛ فإني قد سألت لهما اللطيف الخبير فأعطاني، ناصرهما لي ناصر، وخاذلهما لي خاذل، ووليهما لي ولي، وعدوّهما لي عدوّ؛ ألا فإنها لم تهلك أمة قبلكم حتى تدين بأهوائها، وتظاهر على أهل نبوتها، وتقتل من قام بالقسط منها»، ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب فرفعها؛ وقال: «من كنت وليه فهذا وليه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه - قالها ثلاثاً -».
  ورواة هذه الخطبة من علماء الإسلام لا يمكن حصرهم، ويتعذر ضبطهم، فلا يكاد يخلو كتاب من الكتب المعتمدة المشهورة لدى الموالف والمخالف من ذكره، فقد رواه جماعة وافرة من المحدثين عن جماعة من الصحابة، وقد ظهرت ظهور الشمس، واشتهرت اشتهار الصلوات الخمس، فليس يقدر أحد على ردها أو إنكارها، فقد قامت الحجة، واتضحت المحجة، وعليك أن تنظر لنفسك.
  أيها المؤمنون: إن يوم الغدير الذي هو يوم الثامن عشر من ذي الحجة الحرام، من أيام الله الفاضلة، وعيد من أعياد المؤمنين، ففيه أكمل الله الدين، وأتم النعمة على المسلمين، وأنزل الله فيه قوله تعالى {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}[المائدة: ٣]، فلما نزلت هذه الآية الكريمة قال النبي ÷ «الحمد لله على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضى الرب برسالتي، والوصاية لعلي من بعدي».