43 - مباهلة النبي صلى الله عليه وآله مع نصارى نجران
  عَلَى الْكَاذِبِينَ ٦١}[آل عمران]، وكان وقوعُها في الخامس والعشرين من شهر ذي الحجة الحرام، في السنة التاسعة للهجرة النبوية.
  وذلك أن رسول الله ÷ كتب كتاباً إلى أهل نجران يدعوهم فيه إلى الإسلام، وكانوا يدينون بدين النصرانية، فكتب إلى كبيرهم وهو أُسْقفُ نجران، المسمى أبا حارثة، وكان هو القائم بشؤون الكنيسة في الحجاز بأكمله.
  فلما وصل سفيرُ رسولِ الله ÷ إلى نجران، سلَّم إليهم كتاب رسول الله فقرأه الأُسْقف وتأمله، فاستدعى كبار الشخصيات البارزة في نجران وما جاورها من المناطق للمشورة في هذا الأمر، واتخاذ قرار متفق عليه من جميع الأطراف.
  فلما حضروا عنده استشار رجلاً يقال له شرحبيل وهو من أهل الرأي والحكمة والعقل والتدبير عندهم، فقال له الأسقف: ما تقول في هذا الأمر يا شرحبيل؟
  فقال له: قد علمتَ ما وعدَ الله به إبراهيم الخليل في ذرية إسماعيل من النبوة، فما يؤمنك أن يكون هذا الرجل هو النبي الموعود.
  فتشاوروا في الأمر، فاتفق رأيهم على أن يبعثوا وفداً من ذوي الرأي والحكمة إلى النبي ÷ إلى المدينة المنورة، لينظروا في دلائل وبينات نبوته ÷، ويبحثوا في الموضوع بجدٍّ وعزم، فاختاروا ستين رجلاً، من علمائهم وعقالهم وكبارهم وأهل الرأي فيهم، وحملوا معهم الهدايا للنبي ÷.
  فلما قدِمَ الوفد إلى المدينة، دخلوا مسجد النبي ÷، وهم يلبسون الديباج والحرير، وفي أيديهم خواتيم الذهب، ويحملون الصليب في أعناقهم، فلما رآهم النبي ÷ على تلك الهيئة انزعج منهم، وساءه منظرهم وهيئتهم، ولا سيما في المسجد، وانزعج المسلمون لذلك أيضاً.