التاسع: الخطب المتعلقة بشهر الحجة
  فشعر الوفد وأحسوا بذلك، فسألوا عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وكانت بينهم صداقة قديمة، فسألا أمير المؤمنين علياً # عن سبب انزعاج النبي ÷، وقالا له: يا أبا الحسن: ما ترى في هؤلاء القوم؟
  فقال علي #: أرى أن يضعوا حللهم وحليهم وخواتيم الذهب، ثم يعودون إلى النبي ÷، ففعلوا ما أمرهم به فنزعوا ما عليهم من الحلي والحلل، ثم رجعوا فدخلوا على النبي ÷ فسلموا عليه، فرد $ واحترمهم، وقدموا إليه هداياهمأ فقبل بعضها، ورد البعض الآخر منها.
  فبينا هم كذلك إذ حضر وقت صلاتهم وهم في المسجد عند النبي ÷، فاستأذنوا النبي ÷ في ذلك، فأذن لهم، فأراد بعض المسلمين منعهم، فزجرهم النبي ÷، فصلوا صلاتهم، وبهذا الموقف الكريم يظهر سماحة الدين الإسلامي، وسماحة النبي ÷.
  فلما أتموا صلاتهم، عرض عليهم النبي ÷ الدخولَ في الإسلام، وتلى عليهم القرآن، فامتنعوا من القبول، وقالوا: قد كنا مسلمين قبلك.
  فقال لهم النبي ÷: كذبتم، يمنعكم من الإسلام ثلاث خلال: عبادتُكم الصليب، وأكلكم لحم الخنزير، وزعمكم أن لله ولداً.
  فقالوا: المسيح هو الله، لأنه أحيا الموتى، وأخبر بالغيوب، وأبرأ من الأدواء كلها، وخلق من الطين طيراً، فقال النبي ÷: هو عبد الله وكلمته ألقاها إلى مريم.
  فقال أحدهم: المسيح ابن الله، لأنه لا أب له.
  فسكت رسول الله صلى اللله عليه وآله وسلم، فأنزل الله عليه قوله تعالى {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ٥٩}[آل عمران].