روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

43 - مباهلة النبي صلى الله عليه وآله مع نصارى نجران

صفحة 385 - الجزء 1

  بمبدئه، حيث تجرأ على تعريض نفسه وأحبته وأعزته، وأفلاذ كبده، وأغلى الناس عنده على المباهلة، التي تكون نتيجتها هلاك المبطل.

  فبينما هم كذلك يتحادثون، والناس جميعاً مترقبون ومنتظرون مجيء النبيء ÷، وهم يراقبون الطرق التي يمر منها النبي ÷، وهم يريدون أن يعرفوا معنى وتفسير آية المباهلة، ويريدون أن يعرفوا المراد بالأبناء والنساء والأنفس المذكورين في الآية، وهم يتسآءلون في أنفسهم أو يتسائل البعض منهم يا ترى من هم الذين أُمِر النبي ÷ بدعوتهم إلى المباهلة؟ وقد يكون البعض في حالة تهيء وانتظار رجاء أن يدعوه النبي ÷ معه.

  إذ جاء الجواب الفعلي، والتفسير النظري، والتطبيق على أرض الواقع للمراد من الآية، ومَنهم المقصودون فيها.

  إذ طلع النبي ÷ في هيئة خاصة مثيرة، فإذا به يخرج وفي صحبته أربعة نفر، قد اختارهم من بين المسلمين دون غيرهم، لأنه ليس بين المسلمين من هو أطهر منهم نفساً، وأقرب نسباً، وأعلى مكانة، وأقوى يقيناً، وأعمق إيماناً، أقبل النبي ÷ وهو يحتضن الحسين، وآخذ للحسن # في يده، وإذا علي وفاطمة يمشيان خلفه، وهو يقول لهم: إذا دعوت فأمِّنوا.

  يا له من وفد ما أكرمه على الله، وأقربه إلى الله، وأعظمه عند الله، وأعلى منزلته في الدنيا والآخرة.

  فلما رأوا النبي ÷ ومعه تلك الوجوه النيرة، والشخصيات الروحانية، أخذوا ينظرون إلى بعضهم البعض في حيرة ودهشة وتعجب، كيف خرج النبي ÷ بابنته الطاهرة، وأفلاذ كبده، وأعز الناس إليه، فهو لا يفعل ذلك إلا وهو على ثقة من نفسه، وعلى يقين من دعوته، لأن المتردد غير الواثق لا يخاطر بأحبائه، ولا يعرضهم للبلاء والهلاك النازل.