روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

44 - خطبة عيد الفطر المبارك لعام 1435 هـ

صفحة 392 - الجزء 1

  أما بعد: أيها المؤمنون: فإنكم في يوم عظيم، له عند الله شرف جسيم، جعله لأهل الإسلام مجمعاً وعيداً، ولأهل الطاعة فرحاً وسروراً ومزيداً، وهو يوم الجوائز، فعن النبي ÷ أنه قال: «إذا كان يوم الفطر وقفت الملائكة على أفواه الطرق تنادي، يا معشر المسلمين: اغدوا إلى رب رحيم، يأمر بالخير ويثيب عليه الجزيل، أمركم بالصيام فصمتم وأطعتم ربكم، فاقبضوا جوائزكم، فإذا صلوا العيد نادى مناد من السماء: ارجعوا إلى منازلكم راشدين فقد غفرت لكم ذنوبكم كلها، وسمي ذلك اليوم في السماء يوم الجائزة».

  وهذا يوم النفحات الربانية، فتعرضوا فيه لنفحات ربكم، واسألوا الله بتضرع وعزيمة، ففي الحديث القدسي عن الله ø: «سلوني يا عبادي فوعزتي وجلالي لا تسألوني اليوم شيئاً في جمعكم لآخرتكم إلا أعطيتكم، ولا لدنياكم إلا نظرت لكم، فوعزتي لأسترن عليكم عثراتكم ما راقبتموني، وعزتي وجلالي لا أخزيكم ولا أفضحكم بين أصحاب الحدود، وانصرفوا مغفوراً لكم، قد أرضيتموني ورضيت عنكم».

  أيها المؤمنون: ها قد ودعتم شهراً كريماً، وموسماً للخيرات عظيماً، صمتم نهاره، وقمتم ما تيسر من ليله، وأقبلتم فيه على قرآءة القرآن، وأكثرتم فيه من الذكر والتضرع والدعاء، وتصدقتم بجود وسخاء، وتقربتم فيه بأنواع القربات، رجاء ثواب الله، وخوف عقابه، فكم من جهود بُذلت، وأجساد تعبت، وقلوب وجلت، وأكف رفعت، ودموع ذرفت، وعبرات سكبت.

  وها هو قد مر بنا هذا الشهر الكريم، كطيف خيال، مر بخيراته وبركاته، شهر مضى من أعمارنا، هو شاهد لنا أو علينا، فلنفتح صفحة المحاسبة مع أنفسنا، ماذا عملنا فيه؟، وما مدى تأثيره على أعمالنا وسلوكياتنا؟.

  فإن الصيام المقبول هو الذي يؤثر في صاحبه، وتبين آثاره في القائم به، فإن للقبول والربح علامات، وللرد والخسران علامات، يعرفها كل إنسان من نفسه، فمن حاله في