روائع الخطب المنبرية للجمع والأعياد والمناسبات الدينية،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

الثامن: الخطب المتعلقة بالأعياد

صفحة 393 - الجزء 1

  الخير والإحسان، والأعمال الصالحة بعد رمضان أحسن وأفضل من حاله بعده، تائباً منيباً، مقبلاً على الخيرات، حريصاً على الجمع والجماعات، ملتزماً بالطاعات، مستقيماً ثابتاً مستمراً على الصالحات، فهو دليل على القبول والربح والغفران.

  ومن رجعت حالته بعد رمضان إلى مستواها قبله أو إلى أسوأ منها، فهو وإن أقبل على الله في هذا الشهر، فهو إقبال مؤقت، سرعان ما ينكص على عقبيه، ويعود إلى حالته، يقيم على المعاصي، ويبتعد عن الطاعات، ويرتكب المحرمات، ويترك الواجبات، ولا يتأثر بالوعد والوعيد، ولا يخاف من التهديد، يسمع اللهو والطرب، وينطق الزور والكذب، ويتأذى من العبادات والطاعات، ويضيع الصلوات، ويهمل الجمع والجماعات، فهذه علامات الرد والخسران، ولا يزداد من الله إلا بعداً، والعياذ بالله من غضبه.

  سئل بعض الصالحين عن من يتعبد في رمضان، فإذا خرج رمضان تركوا العبادة والطاعة، فقال: بئس القوم قوماً لا يعرفون الله إلا في رمضان.

  أيها المؤمنون: يا من عرفتم مضاعفة الخير في رمضان كيف تزهدون فيه بعده؟!

  يا من أقبلتم على ربكم في رمضان، كيف تنسونه بعده؟!

  يا من عرفتم أن الصلاة واجبة في أوقاتها، وعرفتم فضيلة المحافظة عليهما في جماعة في بيوت الله في رمضان، كيف تتجاهلون ذلك بعد رمضان؟!

  يا من عرفتم أن الله حرم عليكم المحرمات والمعاصي كيف ترجعون إليها؟!

  يا من أقبلتم على تلاوة القرآن في رمضان كيف تهجرونه بعد رمضان؟!

  أنسيتم أن رب الشهور والأيام كلها واحد، وهو على أعمالكم وأحوالكم مطلع وشاهد؟!

  يا لها من مصيبة عظمى، وفادحة كبرى: أن يرجع أناس بعد الحور إلى الكور، وبعد الخير إلى الشر، وبعد الهدى إلى الضلالة، وبعد العلم إلى الجهالة، وبعد سلوك طريق النعيم، إلى سلوك طريق الجحيم، أعاذنا الله وإياكم من غضبه وعذابه.