4 - حول مقتل الحسين
  لما خرج من مكة إلى الكوفة كتب كتاباً إلى وجوه الشيعة بالكوفة بأسمائهم يخبرهم فيه بمسيره ويأمرهم بالتهيؤ والإستعداد، وأرسله مع قيس، وكان ابن زياد قد جعل أرصاداً وحراساً على مداخل الكوفة وجوانبها يمنعون من الدخول إليها، فلما وصل قيس إلى القادسية قبض عليه الحصين بن نمير فأخذ قيس الكتاب ومزقه حتى لا يعلموا بأسماء من فيه، فبعث به الحصين إلى ابن زياد، فسأله من أنت؟ فقال: رجل من شيعة علي وأبناءه، فأمره أن يخبره بأسماء من في الكتاب فأبى قيس فأمر به أن يسجن فبقي قيس محتاراً في الطريقة التي من خلالها يخبر الناس بقدوم الحسين، فأمره ابن زياد أن يصعد المنبر ويسب الحسين وأهل بيته، فلاحت لديه فرصة التبليغ للرسالة، فوافق على صعود المنبر، فلما صعد المنبر حمد الله وأثنى عليه وصلى على رسول الله وآله، ومدح علياً وفاطمة والحسن والحسين، وسب بني أمية ومعاوية ويزيد وابن زياد وأباه، ثم قال أيها الناس: هذا الحسين قادم عليكم تركته بالحاجر فأستعدوا له، فما هو إلا أن نزل من المنبر حتى رماه ابن زياد من على القصر فما وصل إلى الأرض إلى قطعاً ومات إلى رضوان الله، ونفس القضية وقعت لعبد الله بن يقطر فإن الحسين لما استبطأ خبر قيس ولم يعلم أمره، أرسل أخاه من الرضاع تعزيزاً للتبليغ فحصل له كما حصل للأول سواء سواء.
  وفي مقابل الوفاء والفداء والتضحية: علمتنا واقعة الحسين معرفة الجبناء والحذر من الركون إليهم، وكذلك علمتنا كيف يصنع الأموال في تقليب أحوال الرجال، فكم من رجل كان من رؤساء الشيعة وممن بايع وأرسل ببيعته ووعد النصرة، ملأ ابن زياد يديه مالاً، فتحول بسبب الدينار والدرهم إلى عدو قاتل للحسين وأهل بيته، كشبث بن ربعي وحجار بن أبجر وعمرو بن الحجاج وغيرهم، وكم من عدد وفير وجمع كثير فرقهم الخوف على أنفسهم أو أموالهم أو أولادهم، وصاروا خاذلين معاونين على قتل الحسين وأصحابه، فإنا لله وإنا إليه راجعون، بينا مسلم بن عقيل يحاصر قصر ابن زياد بجيش وفير لأجل استنقاذ هانئ بن عروة، حتى استطاع ابن زياد استمالة رؤساء