الأول: الخطب المتعلقة بشهر محرم
  القبائل وأشرافهم بالمال والترغيب أو التهديد والترهيب حتى فرقوا قبائلهم وأصحابهم، ولم يبق مع ابن عقيل عين تطرف، حتى بقي وحيداً يمشي في شوارع الكوفة وأزقتها، فالويل للجبناء والويل لعبدة الدينار والدرهم، وما أكثرهم في هذه الأزمنة.
  ولقد كان لوقعة الحسين # صدى في جانب التوفيق والهداية لمن اهتدى واستبصر، فقد وفق الله جماعة ممن لقيهم الحسين في الطريق، والتحقوا بركب الحسين #، فكان ختام حياتهم الشهادة والفداء لابن النبي المصطفى ÷، كما حصل لزهير بن القين:
  فإن الإمام الحسين لما وصل إلى منطقة زرود، لقي زهير ابن القين البجلي، فلم يكن شيء أبغض إلى زهير من مسايرة الحسين في منزل، فكان زهير إذا سار الحسين تخلف عنه، وإذا نزل الحسين تقدم زهير، حتى نزل في منزل لم يجد زهير بداً من أن ينازله فيه، فنزل الحسين في جانب ونزل زهير في جانب، فبينما زهير ومن معه جلوس على طعام لهم، إذ أقبل رسول الحسين حتى سلم ثم دخل فقال: يا زهير بن القين، إن أبا عبد الله الحسين بن علي بعثني إليك لتأتيه قال: فطرح كل إنسان ما في يده حتى كأننا على رؤوسنا الطير، فقالت امرأة زهير بن القين: أيبعث اليك ابن رسول الله ثم لا تأتيه؟ سبحان الله لو أتيته فسمعت من كلامه، ثم انصرفت، قالت: فأتاه زهير بن القين فما لبث أن جاء مستبشراً قد أسفر وجهه، فأمر بفسطاطه وثقله ومتاعه فقدم، وحمل إلى الحسين، ثم قال لامرأته: أنت طالق، الحقي بأهلك، فاني لا أحب أن يصيبك من سببي إلاّ خير، ثم أعطاها مالها وسلمها إلى بعض بني عمها ليوصلها الى أهلها، فقامت اليه وبكت وودعته وقالت: كان الله عوناً ومعيناً، خار الله لك، أسألك أن تذكرني في القيامة عند جد الحسين ثم قال لأصحابه: قد عزمت على صحبة الحسين # لأفديه بنفسي وأقيه بروحي فمن أحب منكم أن يتبعني وإلاّ فإنه آخر العهد، إنّي سأحدثكم حديثاً: غزونا بلنجر، ففتح الله علينا، وأصبنا غنائم، فقال لنا سلمان