الثامن: الخطب المتعلقة بالأعياد
  أيها المؤمنون: إن السعيد كل السعيد، من راقب ربه فيما يبدؤ ويعيد، وخاف يوم الوعيد، وسلك طريق جنات الخلود، ورضي عنه الرب المعبود، وليس السعيد من أدرك العيد، ولبس الثوب الجديد، إذا لم يكن من صالحي العبيد.
  فاتقوا الله عباد الله: واجعلوا فرحكم بالعيد فرحاً بإتمام عبادة الصيام، فرحاً بنيل الجوائز من ملك الملوك وسيد السادات، اجعلوا فرحكم بالعيد مقروناً بمراقبة الله تعالى الذي أفرحكم بالعيد فكم من أخ لكم مسلم مشغول بنفسه لم يفرح بالعيد، إما لمرض قد أقعده، أو لخوف قد أزعجه، أو فقر قد أوجعه، أو غير ذلك من عوارض الدنيا وأحوالها.
  أيها المؤمنون: تذكروا من كانوا معنا في مثل هذا اليوم من العام الماضي، أخذهم الموت، وذاقوا حسرة الفوت، وضمتهم القبور بعد القصور، أكل الدود محاسنهم، وأبلى التراب أجسادهم، وقد كانوا يفرحون كما نفرح، ويتزاورون كما نتزاور، تذكروا من كانوا معنا من الآباء والأمهات، والإخوان والأخوات، والجيران والأقارب، أصبحوا رهائن الحفر في التراب، قد تقطعت عنهم الأسباب، ونسيهم الأصحاب والأحباب، انفردوا في اللحود بأعمالهم، وليس لهم أنيس إلا ما قدموا من صالح أفعالهم، وهو ينتظرون رحمة ربهم، وقد انقطعت حسناتهم إلا من علم نافع، أو صدقة جارية، أو ولد صالح يدعو له، أو دعوة أخ مسلم يرسلها له، وأنتم إلى ما صاورا إليه صائرون، ومن الباب الذي دخلوه داخلون، ومن الكأس الذي شربوا منه شاربون، ولمثل سكنهم ساكنون، فتزودوا بالأعمال الصالحة، فإن الأجل قريب معدود، والعمر قصير محدود، فتزودوا لدار المقام من هذه الدار ما دام ينفع المزيد، وأكثروا في هذا اليوم من الذكر والتكبير، والتسبيح والتحميد، والإستغفار، فإنها من مسنونات ومشروعات هذا اليوم المبارك المشهود، {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ١ اللَّهُ الصَّمَدُ ٢ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ٣ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ٤}[الإخلاص]، أستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
  الله أكبر الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر الله أكبر، الله أكبر