44 - خطبة عيد الفطر المبارك لعام 1435 هـ
  العيد، فاحذر أن تماطل أو تتكاسل، فقبول الصيام متوقف عليها، ومعقود بها، لأنها للأبدان زكاة.
  فعن علي # قال: قال رسول اللَّه ÷: «صدقة الفطر على الرجل المسلم يخرجها عن نفسه، وعمَّن هو في عياله، صغيراً كان أو كبيراً، حراً أو عبداً، ذكراً أو أنثى».
  ويسن إخراجها عن الأموات، لا سيما الوالدين، فعن جعفر بن محمد، عن أبيه: أن الحسن والحسين ابني علي $ كانا يؤديان زكاة الفطر عن علي # حتى ماتا، وكان علي بن الحسين وأبو جعفر يؤديان عن أبويهما.
  أيها المؤمنون: إياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، واحذروا الفتن فإنها قد كنرث وتعدد في هذا الزمن، وكثر الدعاة إليها وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، وهم في الواقع يسيؤن وهم لا يشعرون، يتبعون أهوائهم، ويميلون مع شهواتهم، ولا يبالون لو كان في فعلهم الدعاء إلى الشر والمحاربة للخير، ولو كان في ذلك تفريق الجماعة وتشتيتها، كما قال رسول الله ÷: «إن من عباد الله من هم مفاتيح للخير مغاليق للشر، ومنهم من هو مغلاق للخير مفتاح للشر، فطوبى لمن جعل الله مفتاح الخير على يديه، وويل لمن جعل الله مفتاح الشر على يديه». فكانوا للخير مفاتيح، وللشر مغاليق، واحذروا العكس.
  وإن من الضوابط المهمة التي يحصل بها اتّقاءُ الفتن واجتناب شرها، لزوم جماعة المسلمين، والبعد عن التفرق والاختلاف، فإن الفرقة شرٌّ، والجماعة رحمة، الجماعة - عباد الله - يحصل بها قوة لحمة المسلمين، وشدة ارتباطهم، وقوة هيبتهم، وتحقق اجتماع كلمتهم، ويحصل بها التعاون بينهم على البر والتقوى، وعلى ما تكون فيه سعادتهم في الدنيا والآخرة، وأما الخلاف - عباد الله - فإنه يجر عليهم شرورًا كثيرة،